عمر بن عبد العزيز ومعه يزيد بن النعمان، فكتبت إليه أذكره الحديث وكتبته إليه أقول: إني أرجو أن تكون أمير المؤمنين بعد الخيرية، قال: فأخذ يزيد الكتاب فأدخله على عمر فسر به وأعجبه *
وقال نعيم بن حماد: حدثنا روح بن عبادة عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قال: قال عمر بن عبد العزيز: رأيت رسول الله ﷺ وعنده عمر وعثمان وعلى، فقال لي: ادن، فدنوت حتى قمت بين يديه، فرفع بصره إلى وقال: أما إنك ستلي أمر هذه الأمة وستعدل عليهم * وسيأتي في الحديث الآخر إن شاء الله أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، وقد قال كثير من الأئمة إنه عمر بن عبد العزيز، فإنه تولى سنة إحدى ومائة * وقال البيهقي: أنا الحاكم، أنا أبو حامد أحمد بن على المقري، ثنا أبو عيسى، ثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عفان بن مسلم، ثنا عثمان بن عبد الحميد ابن لاحق عن جويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال: إن من ولدى رجلا بوجهه شين يلي فيملأ الأرض عدلا، قال نافع من قبله: ولا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز * وقد رواه نعيم بن حماد عن عثمان بن عبد الحميد به، ولهذا طرق عن ابن عمر أنه كان يقول: ليت شعرى، من هذا الّذي من ولد عمر بن الخطاب في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا؟ * وقد روى ذلك عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب نحوا من هذا، وقد كان هذا الأمر مشهورا قبل ولايته وميلاده بالكلية أنه يلي رجل من بنى أمية يقال له: أشج بنى مروان، وكانت أمه أروى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وكان أبوه عبد العزيز بن مروان نائبا لأخيه عبد الملك على مصر، وكان يكرم عبد الله بن عمر، ويبعث إليه بالتحف والهدايا والجوائز فيقبلها، وبعث إليه مرة بألف دينار فأخذها، وقد دخل عمر بن عبد العزيز يوما إلى اصطبل أبيه وهو صعير، فرمحه فرس فشجه في جبينه، فجعل أبوه يسلت عنه الدم ويقول: أما لئن كنت أشج بنى مروان، إنك إذا لسعيد، وكان الناس يقولون: الأشج والناقص أعدلا بنى مروان، فالأشج هو عمر بن عبد العزيز، والناقص هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الّذي يقول فيه الشاعر:
رأيت اليزيد بن الوليد مباركا … شديدا بأعباء الخلافة كاهله
قلت: وقد ولى عمر بن عبد العزيز بعد سليمان بن عبد الملك سنتين ونصفا، فملأ الأرض عدلا، وفاض المال حتى كان الرجل يهمه لمن يعطى صدقته، وقد حمل البيهقي الحديث المتقدم عن عدي بن حاتم، على أيام عمر بن عبد العزيز، وعندي في ذلك نظر، والله أعلم * وقد روى البيهقي من حديث إسماعيل بن أبى أويس: حدثني أبو معن الأنصاري، ثنا أسيد قال: بينما عمر بن عبد العزيز يمشى إلى مكة بفلاة من الأرض إذ رأى حية ميتة فقال: عليّ بمحفار، فقالوا: نكفيك أصلحك الله، قال: لا، ثم أخذه ثم لفه في خرقة ودفنه، فإذا هاتف يهتف: رحمة الله عليك يا سرّق،