للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما بلغني يقول كنا أصحاب الحديبيّة أربع عشرة مائة.

قال الزهري وخرج رسول الله حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر (١) بن سفيان الكعبي فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل قد لبسوا جنود النمور وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا الى كراع الغميم. قال فقال رسول الله يا ويح قريش قد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فان هم أصابونى كان ذلك الّذي أرادوا وان أظهرنى الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين وان لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش فو الله لا أزال أجاهد على هذا الّذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ثم قال من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها. قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله ابن أبى بكر ان رجلا من أسلم قال أنا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على المسلمين فأفضوا الى أرض سهلة عند منقطع الوادي قال رسول الله قولوا نستغفر الله ونتوب اليه فقالوا ذلك فقال والله انها للحطّة التي عرضت على بنى إسرائيل فلم يقولوها. قال ابن شهاب فأمر رسول الله الناس فقال اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض في طريق يخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبيّة من أسفل مكة. قال فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم ركضوا راجعين الى قريش. وخرج رسول الله حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته فقال الناس خلأت فقال ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لا تدعوني قريش اليوم الى خطة يسألونى فيها صلة الرحم الا أعطيتهم إياها. ثم قال للناس انزلوا. قيل له يا رسول الله ما بالوادي ماء ينزل عليه. فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن. قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم ان الّذي نزل في القليب بسهم رسول الله ناجية بن جندب (٢) سائق بدن رسول الله . قال ابن إسحاق وقد زعم بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول: أنا الّذي نزلت بسهم رسول الله فالله أعلم أي ذلك كان. ثم استدل ابن إسحاق للأول ان جارية من الأنصار جاءت البئر وناجية أسفله يميح فقالت:

يا أيها المائح دلوي دونكا … انى رأيت الناس يحمدونكا

يثنون خيرا ويمجدونكا


(١) قال ابن هشام: ويقال «بسر»
(٢) تمامه عند ابن هشام: ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم بن عمرو بن وائلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن أبى حارثة

<<  <  ج: ص:  >  >>