كهولا وشبانا فقدت وثروة … فلله هذا الدهر كيف ترددا
وما زلت أبغى المال مذأنا يافع … وليدا وكهلا حين شبت وأمردا
وابتذل العيس المراقيل تعتلى … مسافة ما بين النجير فصرخدا
ألا أيهذا السائلى أين يممت … فان لها في أهل يثرب موعدا
فان تسألى عنى فيا رب سائل … حفى عن الأعشى به حيث أصعدا
أجدت برجليها النجاد وراجعت … يداها خنافا لينا غير أحردا
وفيها إذا ما هجّرت عجرفية … إذا خلت حرباء الظهيرة أصيدا
وآليت لا أوى لها من كلالة … ولا من حفى حتى تلاقى محمدا
متى ما تناخى عند باب ابن هاشم … تراحى وتلقى من فواضله ندي
نبي يرى ما لا ترون وذكره … أغار لعمري في البلاد وأنجدا
له صدقات ما تغب ونائل … فليس عطاء اليوم مانعه غدا
أجدك لم تسمع وصاة محمد … نبي الإله حيث أوصى وأشهدا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى … ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله … فترصد للأمر الّذي كان ارصدا
فإياك والميتات لا تقربنها … ولا تأخذن سهما حديدا لتقصدا
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه … ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا
ولا تقربنّ جارة (١) كان سرها … عليك حراما فانكحن أو تأبدا
وذا الرحم القربى فلا تقطعنه … لعاقبة ولا الأسير المقيدا
وسبح على حين العشية والضحى … ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا
ولا تسخرن من بائس ذي ضرارة … ولا تحسبن المال للمرء مخلدا
قال ابن هشام: فلما كان بمكة - أو قريب منها - اعترضه بعض المشركين من قريش فسأله عن أمره فأخبره أنه جاء يريد رسول الله ﷺ ليسلم. فقال له: يا أبا بصير إنه يحرم الزنا. فقال:
الأعشى والله إن ذلك لأمر ما لي فيه من أرب. فقال: يا أبا بصير إنه يحرم الخمر. فقال الأعشى:
أما هذه فو الله إن في نفسي منها العلالات ولكنى منصرف فاتروى منها عامي هذا، ثم آته فأسلم فانصرف فمات في عامه ذلك ولم يعد إلى النبي ﷺ. هكذا أورد ابن هشام هذه القصة هاهنا وهو كثير المؤاخذات لمحمد بن إسحاق ﵀، وهذا مما يؤاخذ به ابن هشام ﵀، فان الخمر
(١) في المصرية وابن هشام (حرة) وفي ح: مكان سرها (أمرها).