الشعبي قال: لما أمر النبي ﷺ بقتل عقبة قال: أتقتلني يا محمد من بين قريش؟. قال: «نعم! أتدرون ما صنع هذا بى؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقي وغمزها فما رفعها حتى ظننت أن عينىّ ستندران، وجاء مرة أخرى بسلا شاة فألقاه على رأسي وأنا ساجد فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي» قال ابن هشام ويقال بل قتل عقبة على بن أبى طالب فيما ذكره الزهري وغيره من أهل العلم.
قلت: كان هذان الرجلان من شر عباد الله وأكثرهم كفرا وعنادا وبغيا وحسدا وهجاء للإسلام وأهله لعنهما الله وقد فعل. قال ابن هشام: فقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر بن الحارث في مقتل أخيها:
يا راكبا انّ الأثيل مظنّة … من صبح خامسة وأنت موفق
أبلغ بها ميتا بأنّ تحية … ما إن تزال بها النجائب تخفق
منى إليك وعبرة مسفوحة … جادت بوابلها وأخرى تخنق
هل يسمعنّ النضر إن ناديته … أم كيف يسمع ميت لا ينطق
أمحمد يا خير ضنء كريمة … من قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما … منّ الفتى وهو المغيظ المحنق
أو كنت قابل فدية فلينفقن … باعز ما يغلو به ما ينفق
والنضر أقرب من أسرت قرابة … وأحقهم ان كان عتق يعتق
ظلت سيوف بنى أبيه تنوشه … لله أرحام هنالك تشقق
صبرا يقاد الى المنية متعبا … رسف المقيد وهو عان موثق
قال ابن هشام: ويقال والله أعلم أن رسول الله ﷺ لما بلغه هذا الشعر قال «لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه».
قال ابن إسحاق: وقد تلقى رسول الله ﷺ بهذا الموضع أبو هند مولى فروة بن عمرو البياضي حجامه ﵇ ومعه زق خمر (١) مملوء حيسا - وهو التمر والسويق بالسمن - هدية لرسول الله ﷺ فقبله منه ووصى به الأنصار. قال ابن إسحاق ثم مضى رسول الله ﷺ حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيوم.
قال ابن إسحاق: وحدثني نبيه بن وهب أخو بنى عبد الدار أن رسول الله ﷺ حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه وقال «استوصوا بهم خيرا» قال وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى، قال أبو عزيز: مر بي أخى مصعب بن عمير
(١) كذا في الأصلين، وفي ابن هشام: ولقي رسول الله إلخ بحميت مملوء حيسا. والحميت الزق.