للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بسر: ما كنت لأفعل بصاحب رسول الله ذلك، فخلى عنه، وكتب أبو موسى قبل ذلك إلى أهل اليمن أن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل من أبى أن يقر بالحكومة، ثم مضى بسر إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس ففر إلى الكوفة حتى لحق بعلي، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد الله بن المدان الحاوي، فلما دخل بسر اليمن قتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس وفيه ابنان صغيران له فقتلهما وهما عبد الرحمن وقثم، ويقال إن بسرا قتل خلقا من شيعة على في مسيره هذا وهذا الخبر مشهور عند أصحاب المغازي والسير، وفي صحته عندي نظر والله تعالى أعلم. ولما بلغ عليا خبر بسر وجه جارية بن قدامة في ألفين، ووهب بن مسعود في ألفين، فسار جارية حتى بلغ نجران فخرق بها وقتل ناسا من شيعة عثمان، وهرب بسر وأصحابه فاتبعهم حتى بلغ مكة، فقال لهم جارية: بايعوا فقالوا: لمن نبايع وقد هلك أمير المؤمنين فلمن نبايع؟ فقال: بايعوا لمن بايع له أصحاب على، فتثاقلوا ثم بايعوا من خوف، ثم سار حتى أتى المدينة وأبو هريرة يصلى بهم فهرب منه فقال جارية: والله لو أخذت أبا سنور لضربت عنقه، ثم قال لأهل المدينة: بايعوا للحسن ابن على، فبايعوا وأقام عندهم ثم خرج منصرفا إلى الكوفة وعاد أبو هريرة يصلى بهم. قال ابن جرير: وفي هذه السنة جرت بين على ومعاوية المهادنة بعد مكاتبات يطول ذكرها على وضع الحرب بينهما، وأن يكون ملك العراق لعلى ولمعاوية الشام، ولا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش ولا غارة ولا غزوة. ثم ذكر عن زياد عن ابن إسحاق ما هذا مضمونه أن معاوية كتب إلى على:

أما بعد فان الأمة قد قتل بعضها بعضا يعنى فلك العراق ولى الشام. فأقر بذلك على .

وأمسك كل واحد منهما عن قتال الآخر، وبعث الجيوش إلى بلاده، واستقر الأمر على ذلك.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة خرج ابن عباس من البصرة إلى مكة وترك العمل في قول عامة أهل السير، وقد أنكر ذلك بعضهم وزعم أنه لم يزل عاملا على البصرة حتى صالح على معاوية، وأنه كان شاهدا للصلح، ممن نص على ذلك أبو عبيدة كما سيأتي. ثم ذكر ابن جرير سبب خروج ابن عباس عن البصرة وذلك أنه كلم أبا الأسود الدؤلي القاضي بكلام فيه غض من أبى الأسود فكتب أبو الأسود إلى على يشكو إليه ابن عباس وينال من عرضه فإنه تناول شيئا من أموال بيت المال فبعث على إلى ابن عباس فعاتبه في ذلك وحرر عليه التبعة فغضب ابن عباس من ذلك وكتب إلى على: ابعث إلى عملك من أحببت فانى ظاعن عنه والسلام. ثم سار ابن عباس إلى مكة مع أخواله بنى هلال وتبعهم قيس كلها، وقد أخذ شيئا من بيت المال مما كان اجتمع له من العمالة والفيء، ولما سار تبعته أقوام أخر فلحقهم بنو غنم وأرادوا منعهم من المسير فكان بينهم قتال، ثم تحاجزوا ودخل ابن عباس مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>