البخاري فضلوه على أنفسهم. وقال أبو العباس الدغولي: كتب أهل بغداد إلى البخاري:
المسلمون بخير ما حبيت لهم … وليس بعدك خير حين تفتقد
وقال الفلاس: كل حديث لا يعرفه البخاري فليس بحديث. وقال أبو نعيم أحمد بن حماد: هو فقيه هذه الأمة. وكذا قال يعقوب بن إبراهيم الدورقي. ومنهم من فضله في الفقه والحديث على الامام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وقال قتيبة بن سعيد: رحل إليّ من شرق الأرض وغربها خلق فما رحل إلى مثل محمد بن إسماعيل البخاري. وقال مرجّى بن رجاء: فضل البخاري على العلماء كفضل الرجال على النساء - يعنى في زمانه - وأما قبل زمانه مثل قرب الصحابة والتابعين فلا. وقال هو آية من آيات الله تمشى على الأرض. وقال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارميّ: محمد بن إسماعيل البخاري أفقهنا وأعلمنا وأغوصنا وأكثرنا طلبا. وقال إسحاق بن راهويه: هو أبصر منى.
وقال أبو حاتم الرازيّ: محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق. وقال عبد الله العجليّ: رأيت أبا حاتم وأبا زرعة يجلسان إليه يسمعان ما يقول، ولم يكن مسلم يبلغه، وكان أعلم من محمد بن يحيى الذهلي بكذا وكذا، وكان حييا فاضلا يحسن كل شيء. وقال غيره: رأيت محمد بن يحيى الذهلي يسأل البخاري عن الأسامي والكنى والعلل، وهو يمر فيه كالسهم، كأنه يقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾. وقال أحمد بن حمدون القصار: رأيت مسلم بن الحجاج جاء إلى البخاري فقبل بين عينيه وقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله، ثم سأله عن حديث كفارة المجلس فذكر له علته فلما فرغ قال مسلم لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك. وقال الترمذي: لم أر بالعراق ولا في خراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من البخاري، وكنا يوما عند عبد الله بن منير فقال للبخاريّ: جعلك الله زين هذه الأمة. قال الترمذي: فاستجيب له فيه. وقال ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله ﷺ ولا أحفظ له من محمد ابن إسماعيل البخاري، ولو استقصينا ثناء العلماء عليه في حفظه وإتقانه وعلمه وفقهه وورعه وزهده وعبادته لطال علينا، ونحن على عجل من أجل الحوادث والله سبحانه المستعان. وقد كان البخاري ﵀ في غاية الحياء والشجاعة والسخاء والورع والزهد في الدنيا دار الفناء، والرغبة في الآخرة دار البقاء. وقال البخاري: إني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطالبني أنى اغتبته. فذكر له التاريخ وما ذكر فيه من الجرح والتعديل وغير ذلك. فقال: ليس هذا من هذا،
قال النبي ﷺ:«ائذنوا له فلبئس أخو العشيرة» ونحن إنما روينا ذلك رواية ولم نقله من عند أنفسنا. وقد كان ﵀ يصلى في كل ليلة ثلاث عشرة ركعة، وكان يختم القرآن في كل ليلة من رمضان ختمة، وكانت له جدة ومال جيد ينفق منه سرا وجهرا، وكان يكثر الصدقة بالليل والنهار، وكان مستجاب الدعوة مسدد