للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ وَهَنَّأَهُ النَّاسُ وَالشُّعَرَاءُ وَالْمُدَّاحُ.

وَأَخْبَرَ قاضى القضاة تاج الدين بموت حسين بن الْمَلِكِ النَّاصِرِ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ بَنِيهِ لِصُلْبِهِ سِوَاهُ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَكِبَارِ الدَّوْلَةِ، لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حِدَّةٍ وَارْتِكَابِ أُمُورٍ مُنْكَرَةٍ.

وَأَخْبَرَ بِمَوْتِ الْقَاضِي فَخْرِ الدين سليمان بن القاضي عماد الدين بن الشيرجي، وقد كان اتَّفَقَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ أَنَّهُ قُلِّدَ حِسْبَةَ دِمَشْقَ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا بِاخْتِيَارِهِ لِكِبَرِهِ وَضَعْفِهِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْبَرِيدِ فَتَمَرَّضَ يَوْمًا وَثَانِيًا وَتُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَأَلَّمَ وَالِدُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَأَلُّمًا عَظِيمًا، وَعَزَاهُ النَّاسُ فِيهِ، وَوَجَدْتُهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَاكِيًا مسترجعا موجعا انتهى.

بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ بِوَضْعِ الشَّطْرِ مِنْ مَكْسِ الْغَنَمِ

مع ولاية سَعْدِ الدِّينِ مَاجِدِ بْنِ التَّاجِ إِسْحَاقَ مِنَ الديار المصرية على نظر الدَّوَاوِينِ قَبْلَهُ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ هَذَا وَقُدُومِهِ، وَبِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَانْصِرَافِهِ عَنِ الْبَلَدِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَمَعَهُ مَرْسُومٌ شَرِيفٌ بِوَضْعِ نِصْفِ مَكْسِ الْغَنَمِ، وكان عبرته أربعة دراهم ونصف، فَصَارَ إِلَى دِرْهَمَيْنِ وَرُبْعِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ نُودِيَ بِذَلِكَ فِي الْبَلَدِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَتَضَاعَفَتْ أَدْعِيَتُهُمْ لِمَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَكْثُرُ الْجَلَبُ بِرُخْصِ اللَّحْمِ عَلَى النَّاسِ، وَيَأْخُذُ الدِّيوَانُ نظير ما كان يأخذ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى قُدُومَ وُفُودٍ وَقُفُولٍ بِتَجَائِرَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَأَخَذَ مِنْهَا الدِّيوَانُ السُّلْطَانِيُّ في الزكاة والوكالة، وقدم مراكب كَثِيرَةٌ فَأُخِذَ مِنْهَا فِي الْعُشْرِ أَضْعَافُ مَا أُطْلِقَ مِنَ الْمَكْسِ، وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. ثُمَّ قرئ على الناس في يوم الجمعة بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْعَصْرِ.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْعِشْرِينَ مِنْهُ ضُرِبَ الْفَقِيهُ شَمْسُ الدِّينِ بن الصَّفَدِيُّ بِدَارِ السَّعَادَةِ بِسَبَبِ خَانَقَاهُ الطَّوَاوِيسِ، فَإِنَّهُ جَاءَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ يَتَظَلَّمُونَ مِنْ كَاتِبِ السِّرِّ الَّذِي هُوَ شَيْخُ الشُّيُوخِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ مَعَهُمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ مِمَّا فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَتَكَلَّمَ الصَّفَدِيُّ الْمَذْكُورُ بِكَلَامٍ فِيهِ غِلَظٌ، فَبُطِحَ لِيُضْرَبَ فَشُفِعَ فِيهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَشُفِعَ فِيهِ، ثُمَّ بُطِحَ الثَّالِثَةَ فَضُرِبَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، ثُمَّ أُخْرِجَ بَعْدَ ليلتين أو ثلاثة.

وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ دَرَّسَ قَاضِي الْقُضَاةِ الشَّافِعِيُّ بِمَدَارِسِهِ، وَحَضَرَ دَرْسَ النَّاصِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ الَّذِي أَثْبَتَهُ أَخُوهُ بَعْدَ مَوْتِ الْقَاضِي نَاصِرِ الدِّينِ كَاتِبِ السِّرِّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَبَعْضُ الْقُضَاةِ، وَأَخَذَ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ، قُرِئَ عَلَيْهِ مِنْ تَفْسِيرِ وَالِدِهِ فِي قَوْلِهِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ٤٨: ١.

وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَعَ الْإِمَامِ الْكَبِيرِ صُلِّيَ عَلَى القاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>