للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلسلة الواحدة فقطعها، ثم مر على الأخرى فقطعها وخرج من باب النصر ولم يعرف لأنه ملثم.

وفي حادي عشر صفر وقبله بيوم قدم البريد من الديار المصرية بطلب الأمير سيف الدين زبالة أحد أمراء الألوف إلى الديار المصرية مكرما، وقد كان عزل عن نيابة القلعة بسبب ما تقدم، وجاء البريد أيضا ومعه التواقيع التي كانت بأيدي ناس كثير، زيادات على الجامع، ردت إليهم وأقروا على ما بأيديهم من ذلك، وكان ناظر الجامع الصاحب تقى الدين بن مراجل قد سعى برفع ما زيد بعد التذكرة التي كانت في أيام صرغتمش، فلم يف ذلك، وتوجه الشيخ بهاء الدين بن السبكى قاضى قضاة الشام الشافعيّ من دمشق إلى الديار المصرية يوم الأحد سادس عشر صفر من هذه السنة، وخرج القضاة والأعيان لتوديعه، وقد كان أخبرنا عند توديعه بأن أخاه قاضى القضاة تاج الدين قد لبس خلعة القضاء بالديار المصرية، وهو متوجه إلى الشام عند وصوله إلى ديار مصر، وذكر لنا أن أخاه كاره للشام. وأنشدنى القاضي صلاح الدين الصفدي ليلة الجمعة رابع عشره لنفسه فيما عكس عن المتنبي في يديه من قصيدته وهو قوله:

إذا اعتاد الفتى خوض المنايا … فأيسر ما يمر به الوصول

وقال دخول دمشق يكسبنا نحولا … كأن لها دخولا في البرايا

إذا اعتاد الغريب الخوض فيها … فأيسر ما يمر به المنايا

وهذا شعر قوى، وعكس جلى، لفظا ومعنى.

وفي ليلة الجمعة الحادي والعشرين من صفر عملت خيمة حافلة بالمارستان الدقاقى جوار الجامع، بسبب تكامل تجديده قريب السقف مبنيا باللبن، حتى قناطره الأربع بالحجارة البلق، وجعل في أعاليه قمريات كبار مضيئة، وفتق في قبلته إيوانا حسنا زاد في أعماقه أضعاف ما كان، وبيضه جميعه بالجص الحسن المليح، وجددت فيه خزائن ومصالح، وفرش ولحف جدد، وأشياء حسنة، فأثابه الله وأحسن جزاءه آمين، وحضر الخيمة جماعات من الناس من الخواص والعوام، ولما كانت الجمعة الأخرى دخله نائب السلطنة بعد الصلاة فأعجبه ما شاهده من العمارات، وأخبره بما كانت عليه حاله قبل هذه العمارة، فاستجاد ذلك من صنيع الناظر.

وفي أول ربيع الآخر قدم قاضى القضاة تاج الدين السبكى من الديار المصرية على قضاء الشام عودا على بدء يوم الثلاثاء رابع عشره فبدأ بالسلام على نائب السلطنة بدار السعادة، ثم ذهب إلى دار الأمير على بالقصاعين فسلم عليه، ثم جاء إلى العادلية قبل الزوال، ثم جاءه الناس من الخاص والعام يسلمون عليه ويهنونه بالعود، وهو يتودد ويترحب بهم. ثم لما كان صبح يوم الخميس سادس عشره لبس الخلعة بدار السعادة ثم جاء في أبهة هائلة لابسها إلى العادلية فقرئ تقليده بها بحضرة

<<  <  ج: ص:  >  >>