للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحيح، غير زيد بن ظبيان، فتفرّد به المصنف، والترمذيّ. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين من منصور، والباقون بصريون. (ومنها): أن شيخه أحد مشايخ الأئمة الستة الذين يرون عنهم بلا واسطة. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ زَيْدِ بنِ ظَبْيَانَ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ) أي نسب الحديث إلى أبي ذرّ الغفاريّ - رضي اللَّه تعالى عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "ثَلَاَثة يُحِبُّهُمُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-) زاد في الرواية الآتية في "الزكاة": "وثلاثة يُبغضهم اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-" (رَجُلٌ) بدل تفصيل من ثلاثة، أو خبر لمحذوف، أي أحدهم رجل الخ، قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره أن السائل أحد الثلاثة الذين يحبهم اللَّه، وليس كذلك، بل معطيه، فلا بدّ من تقدير مضاف، أي معطي رجل، وكذا قوله: "وقوم" بتقدير مضاف، أي وعابد قوم انتهى.

(أَتى قَومَا، فَسَأَلَهُمْ) حاجته (بِاللَّهِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ) يعني أن سؤاله لم يتسبب عن القرابة، وإنما هو سؤال مقرون بذكر اسم اللَّه تعالى، وفيه تعظيم اسم اللَّه تعالى (فَمَنَعُوهُ، فَتَخَلَّفَهُمْ رَجُلٌ بأعْقَابِهمْ) يقال: تخلّف عن القوم: إذا قعد عنهم، ولم يذهب معهم. قاله في "المصباح".

والمعنى أنه خرج رجل من بينهم، بحيث صار خلفهم في ظهورهم، فقوله: "بأعقابهم" بمعنى ظهورهم بمنزلة التأكيد لما يدلّ عليه قوله: "فتخلّفهم". وفي الرواية الآتية في "الزكاة": "فتخلفه" بإفراد الضمير (فَأَعْطَاهُ سِرًّا، لَا يَعْلَمُ بِعَطيَّتهِ، إِلا اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وَالَّذِي أَعْطَاهُ) أي الشخص المُعْطَى (وَقَوْمٌ) إعرابه كإعراب "رجل" السابق، وهو أيضًا على حذف مضاف، أي وعابد قوم الخ (سَارُوا لَيْلَتَهُمْ، حَتى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ، مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ) بالبناء للمفعول، أي مما يُجعل عَديلاً له، ومِثْلاً، ومساويًا في العادة (نَزَلُوا، فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ) كناية عن نومهم (فَقَامَ يَتَمَلقُنِي) هذا حكايته كلام اللَّه تعالى في شأن ذلك العابد. أي قام يتودّد إليّ بأحسن ما يكون.

والمَلَق بفتحتين: الزيادة في التودّد، والدعاء، والتضرّع فوق ما ينبغي. قاله في "النهاية" (١). وقال الفيومي: ومَلِقْتُهُ مَلَقًا، ومَلِقتُ له أيضًا: تَوَدَّدته، من باب تَعِبَ، وتَمَلَّقْتُ له كذلك انتهى (٢).


(١) - "نهاية ابن الأثير" ج ٤ ص ٣٥٨.
(٢) - "المصباح المنير".