للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل باليماميين إلى يحيى، غير شيخه، فبصري، والباقيان مدنيّان. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، وفيه أبو سلمة من الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، وفيه عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - من المكثرين السبعة، روت (٢٢١٠) أحاديث. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -رحمه اللَّه تعالى-، أنه (قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (بأيِّ شَيْءٍ كَانَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ؟) أي صلاة الليل (قَالَتْ: كَانَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، افْتَتَحَ صَلَاتَهُ) وفي رواية لأبي داود: "كان إذا قام كبرّ، ويقول"، وفيه أنه كان يقول ذلك بعد تكبيرة الإحرام. ولا منافاة بين هذا الحديث والأحاديث المتقدّمة, لأنه يحمل على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يفتتح تارة بهذا، وتارة بهذا.

(قَالَ:) جملةٌ في محل نصب على الحال، أي قائلاً ("اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ) أي مُبدعهما.

قال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: قال العلماء: خصّهم بالذكر، وإن كان اللَّه تعالى ربّ كلّ المخلوقات، كما تقرّر (١) في القرآن والسنّة من نظائره، من الإضافة إلى كلّ عظيم المرتبة، وكبير الشأن، دون ما يُستَحقر، ويستصغر، فيقال له سبحانه وتعالى: رب السموات والأرض، رب العرش الكريم، ورب الملائكة والروح، رب المشرقين، ورب المغربين، رب الناس، مالك الناس، إله الناس، رب العالمين، ربّ كل شيء، رب النبيين، خالق السموات والأرض، فاطر السموات والأرض، جاعل الملائكة رسلاً، فكلّ ذلك وشبهه وصف له سبحانه بدلائل العظمة، وعظيم القدرة، والملك، ولم يُستعمل ذلك فيما يُحتقر، ويُستصغر، فلا يقال: ربّ الحشرات، وخالق القِرَدَة،

والخنازير، وشبه ذلك على الإفراد، وإنما يقال: خالق المخلوقات، وخالق كلّ شيء، وحينئذ تدخل هذه في العموم. واللَّه تعالى أعلم انتهى (٢).

قيل: إنما خصّ الثلاثة المذكورين من الملائكة بالذكر، تشريفا لهم، وتعظيما، إذ


(١) - هكذا نسخة "شرح مسلم" للنوويّ "كما تقرر" بالكاف، ولعل الأوضح "لما تقرر باللام، فتأمل.
(٢) - "شرح مسلم" ج ٦ ص ٥٦ - ٥٧.