للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاستعانة لا شك في ضعفها، ولكنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وكل غسل أعضائه إلى أحد، وكذلك لم يأت من أقواله ما يدل على جواز ذلك، بل فيها أمر المُعَلَّمين بأن يغسلوا، وكل واحد منا مأمور بالوضوء، فمن قال: إنه يجزئ عن المكلف نيابة غيره في هذا الواجب فعليه الدليل.

فالظاهر ما ذهبت إليه الظاهرية من عدم الإجزاء، وليس المطلوب مجرد الأثر، كما قال بعضهم، بل ملاحظة التأثير في الأمور التكليفية أمر لابد منه، لأن تعلق الطلب لشيء بذات قاض بلزوم إيجادها له، وقيامه بها لغة وشرعا إلا لدليل يدل على عدم اللزوم، فما وجد من ذلك مخالفا لهذه الكلية فلذلك، اهـ نيل جـ ١/ ص ٢٦٤ - ٢٦٥.

قال الجامع عفا الله عنه:

هذا الذي قاله الشوكاني رحمه الله تحقيق نفيس جدًا والله أعلم.

وقال الحافظ في الفتح بعد ذكر حديث أسامة بن زيد، وحديث المغيرة ما نصه: والحديثان دالان على عدم كراهة الاستعانة بالصب، وكذا إحضار الماء من باب الأولى، وأما المباشرة فلا دلالة فيها عليها،

نعم يستحب أن لا يستعين أصلا.

وأما ما رواه أبو جعفر الطبري عن ابن عمر أنه كان يقول: ما أبالي من أعانني على طهوري أو على ركوعي وسجودي. فمحمول على الإعانة بالمباشرة، لا الصب، بدليل ما رواه الطبري أيضا، وغيره عن مجاهد أنه كان يسكب على ابن عمر، وهو يغسل رجليه.

وقد روى الحاكم في المستدرك من حديث الرُّبَيّع بنت مُعَوِّذ أنها قالت: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بوَضُوء، فقال: اسكبي، فسكبت عليه" وهذا أصرح في عدم الكراهة من الحديثين المذكورين، لكونه في الحضر، ولكونه بصيغة الطلب، لكنه ليس على شرط المصنف، يعني البخاري

اهـ فتح جـ ١/ ص ٣٤٣. والله تعالى أعلم.

إن إريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.