واستدل من قال بكراهة الاستعانة بقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر، وقد بادر ليصب الماء على يديه:"أنا لا أستعين في وضوئي بأحد" قال النووي في شرح المهذب: هذا حديث باطل لا أصل له.
وقد أخرجه البزار في كتاب الطهارة، وأبو يعلى في مسنده من طريق النضر بن منصور، عن أبي الجنوب عقبة بن علقمة، والنضر ضعيف مجهول، لا يحتج به، قال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: النضر بن منصور، عن أبي الجنوب، وعنه ابن أبي معشر تعرفه؟ قال: هؤلاء حمالةُ حَطَب.
واستدلوا أيضا بحديث ابن عباس قال:"وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَكلُ طَهُوره إلى أحد" أخرجه ابن ماجه والدارقطني، وفيه مطهر بن الهيثم وهو ضعيف.
وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - استعان بأسامة بن زيد في صب الماء على يديه في الصحيحين، وأنه استعان بالرُّبَيّع بنت مُعَوِّذ في صب الماء على يديه، أخرجه الدارمي، وابن ماجه، وأبو مسلم الكجي من حديثها، وعزاه ابن الصلاح إلى أبي داود، والترمذي، قال الحافظ: وليس في رواية
أبي داود إلا أنها أحضرت الماء حسب، وأما الترمذي فلم يتعرض فيه للماء بالكلية، نعم في المستدرك: أنها صبت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماء فتوضأ، وقال لها:"اسكبي فسكبت" وروى ابن ماجه عن أم عياش أنها قالت: كنت أوضئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قائمة وهو قاعد. قال الحافظ: وإسناده ضعيف.
واستعان في الصب بصفوان بن عَسَّال.
وغاية ما في هذه الأحاديث الاستعانة بالغير على صب الماء، وقد عرفت أنه مُجمَع على جوازه، وأنه لا كراهة فيه إنما النزاع في الاستعانة بالغير على غسل أعضاء الوضوء، والأحاديث التي فيها ذكر عدم