(وَيَقُومُ ثُلُثَهُ) بضم اللام، وتسكن، ويقال فيه: الثَّلِيث أيضًا: والمراد الثلث الذي بعد النصف، لما في رواية ابن جُريج، عن عمرو بن دينار، عند مسلم:"كان يَرقُد شطر الليل، ثم يقوم ثلث الليل بعد شطره". قال ابن جريج: قلت لعمرو بن دينار: عمرو بن أوس هو الذي يقول "يقوم ثلث الليل؟ " قال: نعم انتهى. وظاهره أن تقدير القيام بالثلث من تفسير الراوي، فيكون في الرواية الأولى إدراج، ويحتمل أن يكون قوله:"عمرو بن أوس ذكره" أي بسنده، فلا يكون مدرجًا.
وفي رواية ابن جريج من الفائدة ترتيب ذلك بـ "ثمّ"، ففيه الرد على من أجاز في حديث الباب أن تحصل السنّة بنوم السدس الأول مثلاً، وقيام الثلث، ونوم النصف الأخير، والسبب في ذلك أن الواو لا ترتّب.
(ويَنَامُ سُدُسَهُ) بضم الدال، وتسكن، ويقال فيه: السَّدِيس أيضًا، أي سدسه الأخير من الليل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص - رضي اللَّه تعالى - عنهما متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:
أخرجه هنا-١٤/ ١٦٣٠ - وفي "الكبرى" ٢٢/ ١٣٢٧ و ٦٩/ ٢٣٤٤ - بالإسناد المذكور.
منها: مشروعية الاقتداء بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في العبادات، كما أمر اللَّه تعالى نبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، حيث قال:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الآية [الأنعام: ٩٠]. ومنها: أنه يدلّ على أن صوم يوم، وفطر يوم أحبّ إلى اللَّه تعالى من غيره، وإن كان أكثرَ منه، وما كان أحبّ إلى اللَّه تعالى فهو أفضل، والاشتغال به أولى، وقد ثبت في رواية مسلم: أن عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنهما - قال للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا أفضل من ذلك". ومنها: أن الأفضل للشخص أن يقوم ثلث الليل بعد نوم نصفه، ثم يُعقّب ذلك بنوم السدس الأخير،