يسلط عليهم عدوا، فيهلكهم بعامة، وأن لا يَلبسهم شيعا, ولا يذيق بعضهم بأس بعض، وقال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يُردّ، وإني قد أعطيتك لأمتك، أن لا أهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوا، ممن سواهم، فيهلكوهم بعامة، حتى يكون بعضهم، يُهلك بعضا، وبعضهم يقتل بعضا، وبعضهم يسبي بعضا".
قال: وقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين، فإذا وُضع السيف في أمتي، لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة".
قال الحافظ ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى-: ليس -يعني هذا الحديث- في شيء من الكتب الستة، وإسناده جيد (١) .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته. حديث خبّاب الأرتّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا-١٦/ ١٦٣٨ - وفي "الكبرى" ٢٤/ ١٣٣٢ - بالإسناد المذكور، وفي "الكبرى" أيضًا ٢٤/ ١٣٣٣ - عن محمد بن يحيى بن عبد اللَّه النيسابوري، عن يعقوب ابن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن الزهري به. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (ت) ٢١٧٥ (أحمد) ٥/ ١٠٨ و٥/ ١٠٩. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعية إحياء كلّ الليل أحيانا، إذا لم يترتّب عليه مفسدة. ومنها: ما كان عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من الاجتهاد في العبادة. ومنها: ما كان عليه من الشفقة بأمته، ورأفته بهم، فإن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - لما عصتهم أممهم دعوا اللَّه تعالى عليهم، فأهلكوا إهلاكا مستأصلا لهم، وأما نبينا - صلى اللَّه عليه وسلم - فدعا لأمته أن لا يهلكها بما أهلك به الأمم السابقة، مع أنه يَعلم أن منهم من يَستحق ما استحقته الأمم المكذبة لرسلهم، وهذا من غاية رأفته، وشدة شفقته على أمته - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما
قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨]
(١) - انظر "تفسير ابن كثير" جـ ٢ ص ١٤٦.