تعالى: معنى "صلاة رغبة، ورهبة" أي صلاة رغبة في استجابة دعائها، ورهبة من ردّه. انتهى.
(سَألْتُ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ-، فِيهَا ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْن، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي) وفي نسخة "سألت اللَّه"(-عَزَّ وَجَلَّ-، أَنْ لَا يُهْلِكَنَا، بِمَا أَهْلَكَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَنَا) أي بعذاب الاستئصال، كما أهلك قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، وغيرهم من الذين عصوا اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وعصوا رُسُلهم - عليهم الصلاة والسلام -، ممن أخبر اللَّه تعالى عنهم في كتابه العزيز.
(فَأَعْطَانِيهَا، وَسَألْتُ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ-، أَنْ لَا يُظْهِرَ عَلَيْنَا عَدُوًّا، مِنْ غَيْرِنَا) أي لا يجعل علينا سبيلاً لغلبة عدوّ من غير المسلمين، من اليهود والنصارى، والمشركين، وغيرهم (فَأعْطَانِيهَا) والمراد أن لا يغلبوا المسلمين غلبة تستبيح بيضة الإسلام، وتستأصل المسلمين جميعًا، فلا يَرِد ما يحصل في بعض الأحيان من غلبة بعض أعداء الإسلام على بعض المسلين (وَسَأَلْتُ رَبِّي، أَنْ لَا يَلْبِسَنَا) بفتح حرف المضارعة, وكسر الباء الموحدة، يقال: لَبَستُ الأمرَ لَبْسًا، من باب ضَرَب: خَلَطته، وفي التنزيل:{وللبسنا عليهم ما يَلبِسُون}، والتشديد مبالغة، قاله في "المصباح". أي لا يخلطنا في معارك الحرب (شِيَعًا) بكسر، ففتح جمع شِيعة بالكسر: أي فِرَقًا مختلفين، يقتل بعضنا بعضًا (فَمَنَعَنِيهَا) أي منعني إجابة هذه الخصلة.
وهذا الحديث بمعنى قول اللَّه تعالى:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} الآية [الأنعام: ٦٥].
فقد أخرج البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" عن جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنهما -، قال: لما نزلت هذه الآية {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أعوذ بوجهك"{أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: "أعوذ بوجهك"{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هذه أهون -أو- أيسر". انتهى.
وقد أورد الحافظ ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى- في تفسير الآتية المذكورة أحاديث كثيرة بمعنى حديث الباب:
فمنها: ما أخرجه أحمد في "مسنده"، فقال: حدثنا عبد الرزاق، قال: قال معمر: أخبرني أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي أسماء الرَّحَبي، عن شَدْاد بن أوس، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "إن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، زَوَى لي الأرض، حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ، ما زُوي لي منها، وإني أُعطيت الكنزين: الأبيض، والأحمر، وإني سألت ربي -عَزَّ وَجَلَّ-، أن لا يُهلك أمتي بسنة بعامة، وأن لا