للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي هذا الحديث دليل لمذهب الشافعي وغيره، ممن قال: تطويلُ القيام أفضل من تكثير الركوع والسجود، وهو المذهب الراجح في المسألة. وقالت طائفة: تكثير الركوع والسجود أفضل. وقالت طائفة: تطويل القيام في الليل أفضل، وتكثير الركوع والسجود في النهار أفضل. وقد تقدّم تفاصيل المسألة بدلائلها في ١٦٨/ ١١٣٧ - فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

(ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا) أي أربع ركعات موصولة أيضًا (فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ، وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاَثًا) أي بتسليم واحد، وهذا هو موضع استدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- على الترجمة، حيث بُيّن فيه كيفيةُ الإيتار بثلاث، وهو أن يصليهن بتسليمة واحدة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد اختلفت الرواة على عائشة - رضي اللَّه عنها - في صلاة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في الليل، ففي رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن أنها إحدى عشرة ركعةً، كما هو المذكور في الباب، وفي رواية مسروق، قال: سألتُ عائشة عن صلاة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ فقالت: سبع، وتسع، وإحدى عشرة، سوى ركعتي الفجر. وفي رواية القاسم عنها: كان يصلي من الليل ثلاث عشرة، منها الوتر، وركعتا الفجر. وفي رواية له: كانت صلاته عشر ركعات، ويوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر، فتلك ثلاث عشرة. وفي رواية الزهريّ، عن عروة عنها: كان يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفيتين.

والجواب عن ذلك -كما قال في "الفتح": أن مرادها في رواية مسروق، أن ذلك وقع منه في أوقات مختلفة، فتارة كان يصلي سبعًا، وتارة تسعًا، وتارة إحدى عشرة.

وأما حديث القاسم عنها، فمحمول على أن ذلك كان غالب أحواله، وأما رواية أبي سلمة، فهي بمعنى رواية القاسم، إذ كونها إحدى عشرة إنما هو بغير ركعتي الفجر، فلا مخالفة بين روايتيهما.

وأما حديث عروة، فيحتمل أن تكون أضافت إلى صلاة الليل سنة العشاء، لكونه كان يصليها في بيته، أو ما كان يَفتتح به صلاة الليل، فقد ثبت عند مسلم من طريق سعد ابن هشام عنها أنه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين.

قال الحافظ: وهذا أرجح في نظري, لأن رواية أبي سلمة التي دلّت على الحصر في إحدى عشرة ركعة، جاء في صفتها عند البخاريّ وغيره "يصلي أربعًا، ثم أربعًا، ثم ثلاثًا"، فدلّ على أنها لم تتعرّض للركعتين الخفيفتين، وتعرضت لهما في رواية الزهريّ، والزيادة من الحافظ مقبولة، وبهذا يُجمع بين الروايات.

وينبغي أن يُستحضَرَ هنا ما تقدّم في أبواب الوتر من ذكر الركعتين بعد الوتر،