"الصلاة" عن القعنبيّ- (ت) في "الصلاة" عن إسحاق بن موسى، عن معن بن عيسى- خمستهم عن مالك به. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان كيفية الإيتار بثلاث ركعات، وهو أن يصلّيها متّصلة، وفي ذلك اختلاف بين العلماء، سيأتي في شرح الحديث التالي، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها). ما كان عليه هدي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من تطويل صلاة الليل. (ومنها): بيان خصوصيته - صلى اللَّه عليه وسلم - في كون نومه لا ينقض وضوءه؛ لأن نومه في عينه لا في قلبه، فيشعر بخروج ما يُخشى منه نقض الوضوء. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٦٩٨ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى, عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ, أَنَّ عَائِشَةَ, حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, كَانَ لَا يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَيِ الْوَتْرِ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده، وهو ثقة، و "سعيد": هو ابن أبي عروبة، والحديث تقدّم تخريجه في ٢/ ١٦٠١.
وقولها: "كان لا يسلّم في ركعتي الوتر" أي حتى يضمّ إليهما الركعة الثالثة، فيسلّم بعدها. هكذا قال السنديّ في "شرحه".
وظاهره أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يوتر بثلاث ركعات متصلة، ولهذا أورده المصنف - رحمه اللَّه تعالى - في هذا الباب لبيان كيفية الوتر بثلاث، لكن المشهور من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - من رواية سعد بن هشام عنها أن وتره - صلى اللَّه عليه وسلم - كان تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، ثم يقوم، فيصلي التاسعة، ثم يسلّم بعدها، فلما أسنّ أوتر بسبع، هذا هو المعروف من حديثها من روايته، بل في بعض الطرق التي مرّت من روايته أن تلك ما زالت صلاة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأما كونه أوتر بثلاث ركعات، فليس معروفًا من روايته، ففي صحة هذه الرواية نظر. واللَّه تعالى أعلم.
ثم رأيت الحافظ محمد بن نصر -رَحِمَهُ اللَّهُ- تكلّم على هذه الرواية في "كتاب الوتر" له، وحاصل ما قاله هناك: فأما الحديث الذي حدّثناه عباس النّرسيّ، ثنا يزيد بن زُريع، ثنا سعيد، عن قتادة، عن زُرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان لا يُسلّم في ركعتي الوتر"، وفي رواية: "كان لا يسلّم في الركعتين الأوليين من الوتر".
قال: فهذا عندنا قد اختصره سعيد من الحديث الطويل الذي ذكرنا , ولم يقل في هذا