للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَة) - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كَانَ لَا يَدَعُ) أي لا يترك. مضارع وَدَع، يقال: وَدَعْتُهُ أَدَعُهُ وَدْعًا: تركته، قال الفيّوميّ: وأصل المضارع الكسر، ومِنْ ثَمّ حُذفت الواو، ثُمّ فُتح لمكان حرف الحلق، قال بعض المحققين: وزعمت النُّحَاة أن العرب أماتت ماضي "يَدَعُ"، ومصدَرَهُ، واسمَ الفاعل، وقد قَرَأ مجاهد، وعروة، ومقاتل، وابن أبي عَبْلَة، ويزيد النحويّ: "ما وَدَعَك ربّك" بالتخفيف، وفي الحديث: "لَيَنتَهيَنّ قوم عن وَدْعِهم الجمعات (١) … " أي عن تركهم، فقد رُويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونُقلت من طريق القرّاء، فكيف يكون إماتةً، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذا سبيله، فيجوز القول بقلة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة انتهى (٢).

(أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، قَبْلَ الظُّهْرِ) قال الداوديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقع في حديث ابن عمر أن قبل الظهر ركعتين، وفي حديث عائشة أربعًا، وهو محمول على أن كلّ واحد منهما وصف ما رأى، قال: ويحتمل أن يكون نسي ابن عمر ركعتين من الأربع. قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الاحتمال بعيد، والأولى أن يُحْمَل على حالين، فكان تارة يصلي ثنتين، وتارة يصلي أربعًا. وقيل: هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين، وفي بيته يصلي أربعًا، ويحتمل أن يكون يصلي إذا كان في بيته ركعتين، ثم يخرج إلى المسجد، فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما في المسجد، دون ما في بيته، واطلعت عائشة على الأمرين، ويقوّي الأول ما رواه أحمد، وأبو داود من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -: "كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج". قال أبو جعفر الطحاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأربع كانت في كثير من أحواله، والركعتان في قليلها انتهى (٣).

(وَرَكْعَتَيْنِ، قَبْلَ الْفَجْرِ) وفي رواية عُبيد بن عمير، عن عائشة - رضي اللَّه عنها - عند البخاريّ: قالت: "لم يكن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على شيء من النوافل أشدّ منه معاهدة على ركعتي الفجر".

وفي رواية لمسلم: "ما رأيته إلى شيء من الخير، أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - تقدم الحديث برقم ٢/ ١٣٧٠.
(٢) - المصباح المنير ٦٥٣.
(٣) - "فتح" ج٣ ص ٣٧٧.