[تنبيه]: حديث عمر - رضي اللَّه عنه - هذا وقع فيه الاختلاف في رفعه ووقفه، وقد بيَّن المصنف -رحمه اللَّه تعالى- ذلك بما ساقه من هذه الروايات، فأما الرفع ففي رواية يونس، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، وهي الرواية الماضية. وأما الوقف ففي رواية معمر، عن الزهري عن عروة، عن عبد الرحمن ابن عبدِ، وهي هذه الرواية، وكذلك رواية حميد بن عبد الرحمن التي بعد هذه الرواية. ثم إن رواية الرفع أرجح؛ لاتفاق السائب بن يزيد، وعبيد اللَّه عليها، ولهذا أخرجها مسلم في "صحيحه" كما سبق بيانه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
١٧٩٢ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ, أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ, قَالَ: مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ, فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ, إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ, فَإِنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ", أَوْ "كَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا بيان مخالفة
الأعرج للسائب بن يزيد، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه في وقف الحديث، وتقدّم أن الراجح رفعه، لكونه زيادة ثقة، وأيضًا الموقوف لا ينافي المرفوع، إذ يمكن حمله على أن عمر - رضي اللَّه عنه - كان يرويه عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أحيانًا، وكان يفتي به أحيانا، وأيضًا الموقوف في مثل هذا له حكم الرفع، إذ لا يقال من قبل الرأي. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "حين تزول الشمس": استشكله السنديّ، فقال: لا يخلو عن إشكال، إذ الصلاة في هذا الوقت مكروهة، ولولا الكراهة لم يظهر فائدة في تعيّنه، والأقرب أن هذا من تصرّفات الرواة، نعم لو حمل الحزب على القرآن، بلا صلاة، لاندفع الوجه الأول من الإيراد، واللَّه تعالى أعلم انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما أورده من الاستشكال، لا وجه له، إذ الكراهة إنما هي عند الاستواء، لا عند الزوال، ونصّ الحديث "حين تزول الشمس"، فمن أين له أن ذلك وقت كراهة الصلاة؟، فما ادعاه من أنه من تصرفات الرواة غير صحيح. فتبصّر.
وقوله: "أو كأنه أدركه" "أو" للشكّ من بعض الرواة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله: (رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ، مَوقُوفًا) أي موقوفًا على عمر - رضي اللَّه عنه - أيضًا.
١٧٩٣ - أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ عُمَرَ قَالَ: "مَنْ فَاتَهُ وِرْدُهُ مِنَ اللَّيْلِ, فَلْيَقْرَأْهُ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ, فَإِنَّهَا تَعْدِلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا طريق آخر موقوف أيضًا، لكن اختلف في انقطاعه،