للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اشتُقْت المثابرة، وهي المواظبة على الشيء، والملازمة له. انتهى (عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً) أي تطوعًا غير فريضة، كما يأتي في حديث أم حبيبة - رضي اللَّه عنها - (فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ) أى مع الأولين، وإلا فالدخول مطلقًا حاصل بمجرّد الإيمان (أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ) منصوب بفعل مقدّر، أي أعني أربعا.

ثم إن قوله. "أربعًا" المتبادر منه أنها بسلام واحد، ويحتمل كونها بسلامين، والأقرب أن إطلاقها يشمل القسمين. قاله السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-.

وفيه دلالة على أن السنة الراتبة المؤكدة قبل الظهر أربع ركعات، وإليه ذهبت الحنفيّة، وقال الشافعيّ، وأحمد: الراتبة قبل الظهر ركعتان، واستدلّ لهما بحديث ابن عمر - رضي اللَّه عنه -، "صليت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته"، قال: وحدثتني حفصة أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يصلي ركعتين خفيفتين حين يطلع الفجر". متفق عليه.

(وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا) فيه أن السنة بعد الظهر ركعتان، ويدلّ عليه حديث ابن عمر المذكور، وغير ذلك من الأحاديث، ولا يعارض ذلك ما يأتي من حديث أم حبيبة - رضي اللَّه عنها -[٦٧/ ١٨١٧] "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه اللَّه على النار"، لأنه يحمل على التوسعة في ذلك، ويقال. ركعتان من الأربع مؤكدتان، وركعتان مستحبّتان، وذلك لأنه لم يصحّ عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - في فعل الأربع بعد الظهر شيء غير هذا الحديث الواحد القوليّ، وقد تكلم فيه بعضهم، بما ستعرفه، إن شاء اللَّه تعالى، وقيل: الأربع أفضل وآكد (١).

(وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِب، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ) أي قبل صلاة الصبح، وليس المراد قبل طَلوع الفجر. واللَّه تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - قد تكلم فيه المصنّف، فقال في "السنن الكبرى" بعد هذا الحديث: قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، ولعله أراد عنبسة بن أبي سفيان، فصحّفه، ويوجد في بعض نسخ "المجتبى" -كما أشار إليه في هامش "الهنديّة" بعد الرواية الثانية: ما نصحه: قال أبو عبد الرحمن هذا خطأ، ولعله أراد عنبسة بن أبي سفيان، فصحف. أي صحّف عنبسة بعائشة. انتهى.

وقال الترمذي بعد أن أخرج الحديث: حديث عائشة غريب من هذا الوجه، ومغيرة ابن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه انتهى.


(١) - انظر "المرعاة" ج ٤ ص ١٢٩.