قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما أشار إليه المصنف والترمذيّ -رحمهما اللَّه تعالى- من أن الصواب أن هذا الحديث من حديث أم حبيبة - رضي اللَّه عنها -، لا من حديث عائشة، هو الحقّ، والظاهر أن الخطأ من مغيرة بن زياد، فقد تقدّم أن كثيرًا من الحفّاظ وصفوه بأنه مضطرب الحديث، وهو كما قال في "ت": صدوق له أوهام، فقد ظهر وَهَمُهُ هنا بمخالفته لأصحاب عطاء، كما سيأتي، إن شاء اللَّه تعالى. وقد صححه بعض المتأخرين من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - أيضا. لكن الظاهر ما قاله الأولون.
والحاصل أن الحديث صحيح من حديث أم حبيبة - رضي اللَّه عنه -، كما أخرجه مسلم من حديثها، وإنما يضعّف من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا ٦٦/ ١٧٩٤ وفي "الكبرى" ٨١/ ١٤٦٧ بالإسناد المذكور، وفي ٦٦/ ١٧٩٥ بالإسناد الآتي. واللَّه تعالى أعلم
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (ت) ٤١٤ (ق) ١١٤٠. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: أنه اختلف في وجه الجمع بين حديثي عائشة هذا وبين حديث ابن عمر - رضي اللَّه عنه - المتقدّم:"صليت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر … " الحديث:
فقيل: يحتمل أن ابن عمر قد نسي ركعتين من الأربع، وردّ بأن هذا احتمال بعيد. وقيل: هو محمول على أنه كان إذا صلى في بيته صلى أربعا، وإذا صلى في المسجد اقتصر على ركعتين، قال العلامة القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "زاد المعاد": وهذا أظهر.
وقيل: يُحمل على حالتين، فكان تارة يصلي ثنتين، وتارة يصلي أربعًا، فحكى كلّ من ابن عمر، وعائشة - رضي اللَّه عنها - ما شاهده. وقيل: يحتمل أن يكون يصلي إذا كان في بيته ركعتين، ثم يخرج إلى المسجد، فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما في المسجد، دون ما في البيت، واطلعت عائشة على الأمرين. وقيل: كان يصلي في بيته أربعًا، فرأته عائشة، وكان يصلي ركعتين إذا أتى المسجد تحيته، فظنّ ابن عمر أنها سنة الظهر، ولم يعلم الأربع التي صلاها في البيت، وهذا أيضا بعيد مثل الأول. وقيل: يمكن أن يكون مطّلعًا على الأربع، لكنه ظنها صلاة فيء الزوال، لا سنة الظهر، قال ابن القيم في "زاد المعاد": وقد يقال: إن هذه الأربع لم تكن سنة الظهر، بل هي صلاة مستقلّة، كان يصليها بعد الزوال، كما في حديث عبد اللَّه بن السائب، قال: كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال:"إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحبّ أن يصعد لي فيها عمل". رواه الترمذيّ، وحسّنه. وفي "السنن" أيضًا