وحركاتها فيما علاه، والحياء في العينين، فذاك وقت الحياء، والكافر في عَمًى من هذا كله، والْمُوَحِّد المعذّب في شغل عن هذا بالعذاب الذي قد حلّ به، وإنما العرق الذي يظهر لمن حلّت به الرحمة، فإنه ليس من وليّ، ولا صِدِّيق، ولا بَرّ، إلا وهو مُستَحٍ من ربه مع البشرى، والتُّحَف، والكرامات.
قال العراقيّ: ويحتمل أن عَرَق الجبين علامة جُعلت لموت المؤمن، وإن لم يُعَقل معناه انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن الاحتمال الأخير الذي ذكره العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الظاهر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث.
المسألة الأولى: في درجته: حديث بريدة بن الحصيب - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.
فإن قلت: قتادة مدلّس، ولم يصرّح بالسماع من ابن بريدة، وقال الإمام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال بعض أهل الحديث: لا نعرف لقتادة سماعا من عبد اللَّه بن بريدة، وأيضا تكلّم بعضهم في سماع عبد اللَّه بن بريدة من أبيه، فكيف يصحّ؟
أجيب: بأن قتادة لم ينفرد به، بل رواه معه كهمس بن الحسن، كما في الإسناد التالي، وأما سماع عبد اللَّه من أبيه، فالجمهور على صحته، وقد أخرج الشيخان له من روايته عن أبيه، وكفى بذلك صحّةً. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٥/ ١٨٢٨ - و ١٨٢٩ و"الكبرى" ٥/ ١٩٥٤ و١٩٥٥ وأخرجه (ت) ٩٨٢ (ق) ١٤٥٢ (أحمد) ٥/ ٣٥٠ و ٣٥٧ و ٣٦٠. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٨٢٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ, قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يَقُولُ: «الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ, بِعَرَقِ الْجَبِينِ».
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (محمد بن معمر) بن رِبعيّ القيسيّ، أبو عبد اللَّه البصريّ المعروف بالبحرانيّ، صدوق، من كبار [١١] ٢/ ١٣٧٠.
(١) - راجع "زهر الربى" للسيوطي ج ٤ ص ٦.