للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحضر. فيه الواقديّ، وسليمان لا يُعرف حاله، وأبو غطفان -بفتح المعجمة، ثم المهملة- اسمه سعد، وهو مشهور بكنيته، وثقه النسائيّ.

وأخرج الحاكم في "الإكليل" من طريق حبّة العَدَنيّ، عن عليّ: أسندته إلى صدري، فسألت نفسه. وحبة ضعيف. ومن حديث أم سلمة، قالت: علي آخرهم عهدًا برسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. والحديث عن عائشة أثبت من هذا، ولعلها أرادت آخر الرجال به عهدًا. ويمكن الجمع بأن يكون عليّ آخرهم عهدا به، وأنه لم يفارقه حتى مال، فلما مال ظنّ أنه مات، ثم أفاق بعد أن توجه، فأسندته عائشة بعده إلى صدرها، فقبض.

ووقع عند أحمد من طريق يزيد بن بابنوس -بموحدتين بينهما ألف غير مهموز، وبعد الثانية المفتوحة نون مضمومة، ثم واو ساكنة، ثم سين مهملة- في أثناء حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -: "فبينما رأسه ذات يوم على منكبي، إذ مال رأسه نحوَ رأسي، فظننت أنه يريد من رأسي حاجة، فخرجَت من فيه نقطة باردة، فوقعت على ثُغْرَة (١) نحري، فاقشعرّ لها جلدي، وظننت أنه غُشي عليه، فسجّيته ثوبًا" انتهى (٢).

(فَلَا أَكْرَهُ شِدَةَ المَوْتِ لِأَحَدٍ أَبَدًا) أي لأنه سبب لتكفير الذنوب، ومضاعفة الأجر، وليس عقابا، حيث إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - اشتدّ عليه، وهو محض مضاعفة الأجر له، فقد أخرج أبو يعلى من حديث أبي سعيد: "إنا معاشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر".

وفي "صحيح البخاريّ" من حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - قال أتيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو يُوعَك وَعْكًا (٣) شديدًا، وقلت: إنك تُوعك وَعْكًا شديدًا، قلت: إنِّ ذاك بأن لك أجرين؟ قال: "أجلْ" … الحديث. وأخرج الدارميّ، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، وصححه الترمذيّ، وابن حبّان، والحاكم، كلهم من طريق عاصم بن بَهْدَلَة، عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول اللَّه، أيّ الناس أشدّ بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثلُ، يُبتلى الرجلُ على حسب دينه … " الحديث، وفيه: "حتى يمشي على الأرض، وما عليه خطيئة".

(بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي بعد ما شاهدت من شدة الموت على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقد بُيِّنَت الشدةُ المذكورة في رواية البخاريّ، ولفظه: من طريق عُمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة أن أبا عمرو ذكوان، مولى عائشة أخبره، أن عائشة، كانت تقول: إن


(١) - الثغرة بضم، فسكون: نُقرة النحر بين الترقوتين. انتهى "ق."
(٢) - راجع "الفتح" ج ٨ ص ٤٨٥ - ٤٨٦.
(٣) - الوعك بفتح، فسكون: أذى الحمى ووجعها، وألم شدة التعب. اهـ "ق".