للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"السَّحْر"- بفتح المهملة، وسكون الحاء المهملة-: هو الصدر، وهو في الأصل الرِّئة.

و"النَّحْر"- بفتح النون، وسكون المهملة، والمراد به موضع النحر. وأغرب الداوديّ، فقال: هو ما بين الثديين.

والحاصل أن ما بين الحاقنة والذاقنة هو ما بين السحر والنحر. والمراد أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - مات ورأسه بين حَنَكها وصدرها - رضي اللَّه عنها -. قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا لا يغاير حديثها أنه كان على فخذها، لأنه محمول على أنها رفعته من فخذها إلى صدرها.

قال: وهذا الحديث يعارضه ما أخرجه الحاكم، وابنُ سعد من طُرُق: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - مات، ورأسه في حجر عليّ"، وكلّ طريق منها لا يخلو من شيعيّ، فلا يُلتفت إليهم. قال: وقد رأيت بيان حال الأحاديث التي أشرت إليها دفعًا لتوهم التعصّب. قال ابن سعد: "ذِكْرُ من قال: توفّي في حجر عليّ"، وساق من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: سأل كعبُ الأحبار عليًا ما كان آخر ما تكلّم به - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ فقال: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: "الصلاة الصلاة"، فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء. وفي سنده الواقديّ، وحرام (١) بن عثمان، وهما متروكان. وعن الواقديّ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في مرضه: "ادعوا لي أخي"، فدُعي له عليّ، فقال: "ادن منّي"، قال: فلم يزل مستندًا إليّ، وإنه ليكلّمني حتى نزل به، وثقل في حجري، فصِحتُ يا عباس أدركني إني هالك، فجاء العباس، فكان جهدهما جميعًا أن أضجعاه". فيه انقطاع مع الواقديّ، وعبد اللَّه فيه لين.

وبه، عن أبيه، عن علي بن الحسين: "قُبض، ورأسه في حجر علي". فيه انقطاع. وعن الواقديّ، عن أبي الحويرث، عن أبيه، عن الشعبيّ: "مات ورأسه في حجر عليّ". فيه الواقديّ، والانقطاع، وأبو الحويرث اسمه عبد الرحمن بن معاوية بن الحارث المدنيّ، قال مالك: ليس بثقة، وأبوه لا يعرف حاله.

وعن الواقديّ، عن سليمان بن داود بن الحصين، عن أبيه، عن أبي غَطَفَان: سألت ابن عباس؟ قال: توفي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو إلى صدر عليّ، قال: فقلت: فإن عروة حدثني عن عائشة، قالت: توفي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بين سحري ونحري، فقال ابن عباس: لقد توفّي، وإنه لمستند إلى صدر عليّ، وهو الذي غسله، وأخي الفضل، وأَبَى أبي أن


(١) - وقع نسخة "الفتح" "حرم" والذي في ميزان الاعتدال، و"لسان الميزان": "حرام بن عثمان" الأنصاريّ المدني، والظاهر أن ما في نسخة "الفتح" تصحيف. قال الشافعي وغيره: الرواية عن حرام حرام. انظر "الميزان" ج ١ ص ٤٦٨.