للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم، تارة أخرى، قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: مَنْ ربُّك؟ فيقول: ربي اللَّه، فيقولان له: ما دينك؟، فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟، فيقول: هو رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتابَ اللَّه، فآمنت به، وصدقت، فينادي مناد في السماء، أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فيأتيه من رَوْحها وطيبها، وُيفسَح له في قبره مَدَّ بصره، قال: ويأتيه رجل، حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يَسُرُّك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: مَنْ أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي.

قال: وإن العبد الكافر، إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه

من السماء، ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مَدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من اللَّه وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السَّفُّود (١)، من الصوف

المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها، كأنتن ريح جيفة، وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملئٍ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان بأقبح أسمائه، التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} الآية [الأعراف: ٤٠]، فيقول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: اكتبوا كتابه في سجين، في الأرض السفلى، فتُطرَح روحه طرحا، ثم قرأ {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} الآية [الحجّ: ٣١]، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فينادي مناد من السماء، أن كَذَب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حَرِّها وَسَمُومها، ويُضَيَّق عليه قبره، حتى تخَتَلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، مُنتِن الريح،


(١) - "السَّفُّود" بفتح المهملة، وتشديد الفاء، كتَنُّور: الحديدة التي يُشوى عليها اللحم.