(فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي سَاخِطَةً) أي كارهة، غير راضية عن اللَّه حيّا وميتا (مَسْخُوطًا عَلَيْكِ) أي مغضوبا عليك (إِلَى عَذَاب اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) متعلّق بـ "اخرجي"(فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةِ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ) تقدم الكَلام على ثبوت نون الرفع قريبًا (بَابَ الْأَرْضِ) وفي رواية الحاكم: "إلى باب الأرض"(فَيَقُولُونَ) أي ملائكة الأرض (مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ، حَتَى يَأْتُونَ بهِ) وفي رواية الحاكم: "كلما أتوا على أرض قالوا ذلك، حتى يأتوا به … "، فيتعينَ أن تكون "حتى" غاية لقولهم ذلك (أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ) أي ومحلها سجّين، كما قال اللَّه تعالى:{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}[المطففين: ٧] قيل: هو كتاب جامع لأعمال الشياطين والكفرة، وقيل: هو مكان في أسفل الأرض السابعة، وهو محلّ إبليس وجنوده، أعاذنا اللَّه تعالى من عذاب جهنم بمنه وكرمه، إنه أرحم الراحمين، وأكرم المسؤولين.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد ساق الإمام أحمد وغيره هذا الحديث من حديث البراء بن عازب - رضي اللَّه عنهما - بإسناد صحيح، مطولاً، أحببت إيراده هنا تتميمًا للفائدة، ونشرًا للعائدة، ونصّ "المسند" جـ٤ ص ٢٨٧ - ٢٨٨:
١٨٠٦٣ - حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولَمَّا يُلحَدْ، فجلس رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وجلسنا حوله، وكان على رءوسنا الطير، وفي يده عود، ينكت في الأرض، فرفع رأسه، فقال:"استعيذوا باللَّه من عذاب القبر" مرتين أو ثلاثا، ثم قال: "إن العبد المؤمن، إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نَزَل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن، من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مَدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت - عليه السلام -، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من اللَّه ورضوان، قال: فتخرج تسيل، كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يَدَعُوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك، وُجِدَت على وجه الأرض، قال: فيَصعدُون بها، فلا يمرون، يعني بها على ملإ، من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان ابن فلان بأحسن أسمائه، التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم: فيُشَيِّعُهُ من كل سماء مقربوها، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض، فإني