غير صحيح، بل الذي عليه السلفُ، وأهلُ الحديث إثبات صفة المحبّة للَّه تعالى على ما يليق بجلاله، ثم إذا أحبّ اللَّه عبده أراد له الخير، وهداه إليه، وأنعم عليه. وعلى هذا الكراهة، فليُتفطّن، واللَّه تعالى أعلم.
(وَمَنْ كرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ) أي حين يرى ما له من العذاب عند الغرغرة (كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ) فأبعده من رحمته، وأدناه من نقمته.
[تنبيه] قوله: "من أحب لقاء اللَّه أحبّ اللَّه لقاءه الخ". قال الكرماني -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس الشرط سببا للجزاء، بل الأمر بالعكس، ولكنه على تأويل الخبر، أي مَن أحبّ لقاء اللَّه أخبره بأن اللَّه أحبّ لقاءه، وكذلك الكراهة. وقال غيره فيما نقله ابن عبد البرّ وغيره "مَن" هنا خبرية، وليست شرطية، فليس معناه أن سبب حبّ اللَّه لقاء العبد حبّ العبد لقاءه، ولا الكراهة، ولكنه صفة حال الطائفتين في أنفسهم عند ربّهم، والتقدير من أحبّ لقاء اللَّه فهو الذي أحب اللَّه لقاءه، وكذا الكراهة.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولا حاجة إلى دعوى نفي الشرطية، فقد ثبت في "كتاب التوحيد" من "صحيح البخاريّ" في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، رفعه:"قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه … " الحديث. فيتعيّن أن "من" في حديث الباب شرطيّة، وتأويلها ما سبق.
وقال في "الفتح" أيضًا: في قوله: "أحبّ اللَّه لقاءه" العدولُ عن الضمير إلى الظاهر، تفخيمًا وتعظيمًا، ودفعًا لتوهّم عود الضمير على الموصول، لئلا يتّحد في الصورة المبتدأ والخبر، ففيه إصلاح اللفظ لتصحيح المعنى، وأيضًا فعود الضمير على المضاف إليه قليل.
قال الحافظ: وقرأت بخطّ ابن الصائغ في "شرح المشارق" يحتمل أن يكون لقاء اللَّه مضافًا للمفعول، فأقامه مقام الفاعل، ولقاءه إما مضاف للمفعول، أو للفاعل الضمير، أو للموصول، لأن الجواب إذا كان شرطًا، فالأولى أن يكون فيه ضمير، نعم هو موجود هنا، ولكن تقديرًا انتهى.
(قَالَ: شُرَيْحٌ) بن هانىء -رحمه اللَّه تعالى- (فَأتَيْتُ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه عنها - (فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه عنه - (يَذْكُرُ) جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - حَدِيثًا، إِنْ كَانَ كَذَلِكَ) أي إن كان الحديث كما ذكره أبو هريرة - رضي اللَّه عنه -، وإنما قال ذلك لاحتمال أن يكون أخطأ فيه أبو هريرة، أو أخطأ هو في فهمه،، فلعل عائشة سمعت من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ما يخالفه، أو لعلها تفهّمه المراد منه (فَقَدْ هَلَكْنَا) أي لكون الموت مبغوضًا إلى النفس بالطبع (قَالَتْ:) أي عائشة (وَمَا ذَاكَ؟) أي ما هو الحديث الذي ذكره أبو هريرة؟ (قَالَ) أي أبو هريرة (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "مَنْ