للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ، كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ"، وَلَكِنْ لَيْسَ مِنَّا

أَحَدٌ، إِلاَّ وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ) جملة الاستدراك من كلام شريح بَيَّنَ فيه وجهَ الإشكال من الحديث (قَالَتْ) أي عائشة (قَد قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَلَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْه) الباء زائدة، أي ليس المراد ما تفهمه أنت من الإطلاق، بل هو مقيد بحالة الاحتضار حين يُبَشَّر المؤمن بخير، وُينذَر الكافر بشرّ، وإلى هذا أشارت بقولها (وَلَكِنْ إِذَا طَمَحَ الْبَصَرُ) قال في "ق": طَمَحَ بصرُهُ إليه، كمنع: ارتفع،، ووقع في نسخة "الكبرى" "وطفح البصر" بالفاء بدل الميم، والظاهر أنه تصحيف، فإن الطَّفْح معناه الامتلاء، ولا يناسب هنا. وفي رواية مسلم: "إذا شَخَصَ البصرُ" بفتح الشين، والخاء، ومعناه ارتفاع الأجفان إلى فوقُ، وتحديدُ النظر (وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ) كَدَحْرَج، قال في "ق": الحَشْرَجَة الغَرْغَرة عند الموت، وتردُّدُ النفَس (وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ) أي أي قام شعره، وفي "ق": أخذته قُشَعْرِيرَةٌ، أي رِعْدَةْ. ووقع في نسخة "الكبرى" "وانشحر الجلد"، والظاهر أنه تصحيف أيضًا، فمن الشّحر بوزن المنع فَتحُ الفم، وهو غير مناسب أيضا. زاد في رواية مسلم: "وتشنّجَت الأصابعُ". قال النووي: تشنّج الأصابع تقبّضُها انتهى.

قال في "الفتح": وهذه الأمور هي حالة المحتضر، وكأن عائشة - رضي اللَّه عنها - أخذته من معنى الخبر الذي رواه عنها سعد بن هشام مرفوعًا. يعني الآتي بعد ثلاثة أحاديث (فَعِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ) وأخرج عبد ابن حميد من وجه آخر عن عائشة مرفوعًا: "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا قيّض له قبل موته بعام ملكًا يسدّده، ويوفّقه حتى يقال: مات بخير ما كان، فإذا حُضر ورأى ثوابه اشتاقت نفسه، فذلك حين أحبّ لقاء اللَّه، وأحبّ اللَّه لقاءه، وإذا أراد اللَّه بعبد شرّا قَيّض له قبل موته بعام شيطانًا، فأضلّه، وفتنه، حتى يقال: مات بشرّ ما كان عليه، فإذا حُضر، ورأى ما أُعِدّ له من العذاب جَزِعَت نفسه، فذلك حين كره لقاء اللَّه، وكره اللَّه لقاءه" (١).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٠/ ١٨٣٤ و ١٨٣٥ و ١٨٣٨ - و"الكبرى" ١٠/ ١٩٦٠ - و ١٩٦١ و ١٩٦٤.


(١) - "فتح"ج ١٣ ص ١٦٥.