للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجه (خ) ٧٥٠٤ (م) ١٥٧ و ٢٥٧ و ٢٦٨٤ و ٢٦٨٥ (ت) ١٠٦٧ (ق)، ٤٢٦٤ (الموطأ) ٥٦٧. (أحمد) ٢٧٣٤٩ و ٨٣٥١ و ٢٧٦٠٩ و ٩١٥٧ و ٢٧٢٣٠ و ٢٣٦٥٢ واللَّه تعالى أعلم.

المسالة الثالثة: في فوائده:

منها: فضل محبة لقاء اللَّه تعالى. ومنها: أن الجزاء من جنس العمل، فإنه قابل المحبّة بالمحبّة، والكراهة بالكراهة. ومنها: بيان معنى كراهة لقاء اللَّه، بأنه ليس المراد كراهة الموت، بل ما يكون وقت الاحتضار من حال العبد عند ما يُبشَّرُ المؤمن، ويُنذَرُ الكافرُ،، فإذا استبشر المؤمن، وانقبض الكافر كان ذلك علامة حب لقاء اللَّه، وكراهته. ومنها: البداءة بأهل الخير في الذكر لشرفهم، وإن كان أهل الشرّ أكثر.

ومنها: أن المحتضر إذا ظهرت عليه علامات السرور كان ذلك دليلاً على أنه بُشّر بالخير، وكذا بالعكس. ومنها: أن محبة لقاء اللَّه لا تدخل في النهي عن تمنّي الموت، لأنها ممكنة مع عدم تمني الموت، كان تكون المحبة حاصلة لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخره، وأن النهي عن تمني الموت محمول على حالة الحياة المستمرة، وأما عند الاحتضار والمعاينة، فلا تدخل تحت النهي، بل هي مستحبّة.

[تنبيه]: في كراهة الموت في حالة الصحة تفصيلٌ، فمن كرهه إيثارًا للحياة على ما

بعد الموت من نعيم الآخرة كان مذمومًا، ومن كرهه خشية أن يُفضي إلى المؤاخذة كأن يكون مقصّرًا في العمل، لم يستعدّ له بالأهبة بأن يتخلّص من التبعات، ويقوم بأمر اللَّه كما يجب فهو معذور، لكن ينبغي لمن وجد ذلك أن يبادر إلى أخذ الأهبة حتى إذا حضره الموت لا يكرهه، بل يحبّه لما يرجو بعده من لقاء اللَّه تعالى. أفاده في "الفتح".

[تنبيه آخر]: أخرج مسلم -رَحِمَهُ اللَّهُ-، في "صحيحه" قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، عن زكريا، عن الشعبيّ، عن شريح بن هانئ عن عائشة، قالت: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من أحبّ لقاء اللَّه أحب اللَّه لقاءه، ومن كره لقاء اللَّه كره اللَّه لقاءه، والموت قبل لقاء اللَّه". انتهى (١).

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه الزيادة -يعني قولها: "والموت قبل لقاء اللَّه"- من كلام عائشة فيما يظهر لي (٢)، ذَكَرَتْها استنباطًا مما تقدّم. قال: وفيه أن اللَّه تعالى لا يَراه في الدنيا أحد من الأحياء، وإنما يقع ذلك للمؤمنين بعد الموت، وقد ورد بأصرح من هذا


(١) - "صحيح مسلم" ج ١٧ ص ١٣ بنسخة شرح النووي.
(٢) - قلت: لا يظهر لي وجه ادعاء الحافظ الإدراجَ في هذا، ولم يذكر مستنده في ذلك، والذي يظهر أنه مرفوع، ولذلك أخرجه مسلم في "صحيحه"، ولم يتعرّض لإدراجه. واللَّه تعالى أعلم.