المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو النهى عن البكاء على الميت، لكنه مقيد بموته. ومنها: إباحة البكاء على المريض بالصِّيَاح، وغير الصياح عند حضور وفاته. ومنها: مشروعية عيادة المريض. ومنها: الصياح بالعليل على وجه النداء له ليسمع، فيُسأَلَ عن حاله. ومنها: تكنية الرجل الكبير لمن دونه، قال أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا يُبطل ما يُحكى عن الخلفاء أنهم لا يكنون أحدًا، عصمنا اللَّه عما دقّ وجلّ من التكبّر برحمته. ومنها. أن المتجهّز للغزو إذا حيل بينه وبينه، يُكتب له أجر الغازي، ويقع أجره على قدر نيته، والآثار الصحاح تدلّ على أن من نوى خيرًا، وهَم به، ولم يصرف نيته عنه، وحيل بينه وبينه أنه يكتب له أجر ما نوى من ذلك، ألا ترى إلى قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما من امرئ تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم، إلا كتب اللَّه له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة"، حديث صحيح تقدم للمصنّف ٦١/ ١٧٨٤ وإلى قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من واد، إلا وهم معكم فيه"، قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يكونون معنا، وهم بالمدينة؟ قال: "حبسهم العذر". حديث صحيح، رواه أبو داوده ومنها: طرح العالم على المتعلّم المسألة، لبين له الصواب إن أخطأ. ومنها: فضل اللَّه تعالى العظيمُ على هذه الأمة، حيث جعل لهم أسباب الشهادة كثيرة، لينالوا بذلك الدرجات العلى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٨٤٧ - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ, قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, وَحَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ عَمْرَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: لَمَّا أَتَى نَعْيُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ, وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ, وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ, جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ, وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صِئْرِ الْبَابِ, فَجَاءَهُ رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ, يَبْكِينَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «انْطَلِقْ, فَانْهَهُنَّ» , فَانْطَلَقَ, ثُمَّ جَاءَ, فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ, فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْتَهِينَ, فَقَالَ: «انْطَلِقْ, فَانْهَهُنَّ» , فَانْطَلَقَ, ثُمَّ جَاءَ, فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ, فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْتَهِينَ, قَالَ: «فَانْطَلِقْ, فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ» , فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَ الأَبْعَدِ, إِنَّكَ وَاللَّهِ, مَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَمَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ.
رجال الإسناد: ستة:
١ - (يونس بن عبد الأعلى) الصّدَفيّ المصريّ، ثقة، من صغار [١٠] ١/ ٤٤٩.
٢ - (ابن وهب) عبد اللَّه المصريّ، ثقة حافظ [٩] ٩/ ٩.
٣ - (معاوية بن صالح) بن حُدير الحضرميّ الحمصيّ قاضي الأندلس، صدوق له