كما بيّنه بقوله (وَقَالَ الْحَسَنُ:"بدَعْوَى") والدعاء بالضم، والدعوى بالفتح والقصر مصدران لدعا، يقال: دعوت فَلانًا: إذا ناديته، وطلبت إقباله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-١٧/ ١٨٦٠ - و ١٩/ ١٨٦٢ و ٢١/ ١٨٦٤. وفي "الكبرى" ١٧/ ١٩٨٧ و ١٩/ ١٩٨٩ و ٢١/ ١٩٩١. وأخرجه (خ) ١٢٩٧ و ١٢٩٤ و ١٢٩٨ (م) ١٠٣ (ت) ٩٩٩ (ق) ١٥٨٤ (أحمد) ٣٦٥٠ و ٣١٠٠ و ٤٢٠٣ و ٤٣٤٨ و ٤٤١٦. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فى فوائده:
منها: تحريم هذه الأشياء المذكورة في هذا الحديث، لأنها مشعرة بعدم الرضا بالقضاء. ومنها: أن هذه الأشياء من صنيع الجاهلية، وأن المسلم يجب عليه الابتعاد من صنيعهم. ومنها: وجوب الرضا بقضاء اللَّه تعالى، والتسليم لأمره، لأنه تعالى أعلم بمصالح عباده منهم، وإنما يبتليهم بالمصائب إما ليكفّر بها عنهم سيئاتهم، وإما ليرفع بها درجاتهم، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٤٣]، وقال:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النور: ١٩]، فواجب العبد إذا أصيب بمصيبة، أن يسترجع، ويعلم أنه يعوّض من عند اللَّه تعالى خيرًا مما أصيب به، كما قال اللَّه تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
وقد أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث أم سلمة - رضي اللَّه عنها -، أنها قال: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول:"ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول: ما أمره اللَّه: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلِفْ لي خيرًا منها، إلا أخلف اللَّه له خيرًا منها"، وفي لفظ:"إلا أجره اللَّه في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها".
وأخرج البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال:"يقول اللَّه تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة". وأخرج مسلم في "صحيحه"، من حديث صهيب - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "قال:"عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيرًا له". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.