للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولفظ "ما" في الموضعين مصدريّة، أي إن للَّه الأخذ والإعطاء، ويحتمل أن تكون موصولة، والعائد محذوف للدلالة على العموم، فعلى الأول التقدير إن للَّه الأخذَ والإعطاءَ، أي أخذ الأولاد، وإعطاءهم، أو ما هو أعمّ من الأولاد، وعلى الثاني إن للَّه الذي أخذه من الأولاد، وله الذي أعطى منهم، أو ما هو أعمّ من ذلك.

(وَكُلُّ شَيْء) أي من الأخذ والإعطاء، أو من الأنفس، أو ما هو أعمّ من ذلك (عِنْدَ اللَّهِ) تعالى (بِأَجَلِ مُسَمَّى) أي مقدّر بأجل معلوم، و"الأجل" يطلق على الحدّ الأخير، وعلى مجموع العمر. وفي نسخة "وكلٌ عنده بأجل مسمّى".

وقال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى قوله: "وكل شيء عنده بأجل مسمى": اصبروا، ولا تجزعوا، فمن كل من مات قد انقضى أجله المسمى، فمحال تقدّمه أو تأخّره عنه، فإذا علمتم هذا كله فاصبروا، واحتسبوا ما نزل بكم. وهذا الحديث من قواعد الإسلام المشتملة على جُمَل من أصول الدين، وفروعه، والآداب. واللَّه أعلم انتهى بتصرّف (١). (فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ) أي تنوي بصبرها طلب الثواب من ربها، ليُحْسَبَ لها ذلك من عملها الصالح (فأرْسَلَتْ إِلَيهِ) أي أرسلت ابنة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إليه مرةً أخرى (تُقْسِمُ عَلَيْهِ) بضمّ التاء، من الإقسام، والجملة في محلّ نصب على الحال، ووقع في حديث عبد الرحمن ابن عوف عند الطبرانيّ أنها راجعته مرتين، وأنه إنما قام في ثالث مرة، وكأنها ألَحَّت عليه في ذلك دفعًا لما يظنه بعض أهل الجهل أنها ناقصة المكانة عنده، أو ألهمها اللَّه تعالى أن حضور نبيه - صلى اللَّه عليه وسلم - عندها يدفع عنها ما هي فيه من الألم ببركة دعائه، وحضوره، فحقّق اللَّه ظنها (٢).

والظاهر أنه امتنع أوّلًا مبالغة في إظهار التسليم لربه، أو ليبيّن الجواز في أن من دُعي لمثل ذلك لم تجب عليه الإجابة، بخلاف الوليمة مثلًا (لَيأْتِيَنَّهَا) بفتح اللام، ونون التأكيد المشددة، والجملة جواب القسم (فَقَامَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَمعه) الواو للحال أي: والحال أن مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُعَاذُ بنُ جَبَلِ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرِجَال آخرون) ذُكر منهم في غير هذه الرواية عبادةُ بن الصامت، وأَسامة بن زيد، راوي الحديث، وعبد الرحمن بن عوف (فَرُفِعَ) بالبناء للمفعول، قال في "الفتح": كذا هنا بالراء، وفي رواية حماد "فدُفع" بالدال، وبين في رواية شعبة أنه وُضع في حجره - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: وفي هذا السياق حذف، والتقدير: فمشوا، إلى أن وصلوا إلى بيتها، فاستأذنوا،


(١) - المصدر المذكور.
(٢) فيه أن ولدها شفي من مرضه.