للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لإخراج أولاد الأولاد, سواء كانوا أولاد بنين، أو أولاد بنات (دَخَلَ الْجَنَّةَ") أي دخولا أوّليّا، ولا ينافيه ما سيأتي من استثناء تحلّة القسم، لما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.

[تنبيه] قال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون شديد المحبة لأولاده، أو خفيفها، أو خاليا من محبتهم، أو كارها لهم، لأن الولد مظنة المحبة والشفقة، فنيط الحكم به، وإن تخلف في بعض الأفراد، وقد يحبّ الشخص بعض أقاربه، أو أصدقائه أكثر من محبة ولده، ومع ذلك فلم يَرِدْ ترتيب هذا الأمر على موت القريب والصديق، ولا على موت الأب والأمّ، لكن في "معجم الطبراني الأسط" بإسناد ضعيف، عن سهل بن حُنيف - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من لم يكن له فَرَط لم يدخل الجنة إلا تصريدًا قال رجل: يا رسول اللَّه ما لكلنا فرط، قال: أو ليس من فرط أحدكم أن يفقد أخاه المسلم؟ ".

وقوله: "تصريدًا" بالصاد المهملة، أي قليلاً، وأصله السقي دون الرّيّ، ومنه صرّد له العطاء: قَلَّله انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله وليّ الدين ظاهر في حديث: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فتمسه النار إلا تحلّة القسم"، الآتي في الباب التالي، وأما حديث الباب فيفيد التقييد بالمحبة، حيث قال: "من احتسب"، لأن الاحتساب معناه الصبر راضيا بقضاء اللَّه تعالى، ولا يكون ذلك إلا حيث يتألم قلبه بمصيبته، وأما من مات له من لا يحبه، فلا يتصور منه الصبر عليه.

والحاصل أن تقييد الأحاديث المطلقة عن الاحتساب لا بد منه، كما تقدم التنبيه عليه في كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-. واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَامَتِ امْرَأَةٌ) يحتمل أن تكون أمَّ سليم، وهي أمَّ أنس الراوي - رضي اللَّه عنها -، كما رواه الطبرانيّ بإسناد جيّد عنها، قالت: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ذات يوم، وأنا عنده: "ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة، لم يبلغوا الحلم، إلا أدخله الجنّة بفضل رحمته إياهم"، فقلت: واثنان؟ قال: "واثنان". وأخرجه أحمد، لكن الحديثَ دون القصّة، ووقع لأمّ مبشر الأنصارية أيضًا السؤال عن ذلك، فروى الطبرى أيضًا من طريق ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - دخل على أم مبشر، فقال: "يا أم مبشّر، من مات له ثلاثة من الولد دخل الجنة"، فقلت: يا رسول اللَّه واثنان؟ فسكت، ثم قال: "نعم، واثنان"، وفي حديث جابر بن سمرة، أن أم أيمن ممن سأل عن ذلك، ومن حديث ابن


(١) -"طرح التثريب"ج ٣ ص ٢٤٦ - ٢٤٧.