للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحدة، فقد مات له ثلاثة وزيادة، ولا خفاء أن المصيبة بذلك أشدّ، وإن ماتوا واحدًا بعد واحد، فإن الأجر يحصل له عند موت الثالث بمقتضى وعد الصادق، فيلزم على قول القرطبيّ أنه إن مات له الرابع أن يرتفع عنه ذلك الأجر، مع تجدد المصيبة، وكفى بهذا فسادًا، والحقّ أن تناول الخبر الأربعةَ، فما فوقها من باب أولى، وأحرى، ويؤيد ذلك أنهم لم يسألوا عن الأربعة، ولا ما فوقها، لأنه كالمعلوم عندهم، إذ المصيبة إذا كثرت كان الأجر أعظم، واللَّه أعلم. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تَعَقُّبُ الحافظين: ولي الدين وابن حجر على ما ذكره القرطبي فيما زاد على الثلاثة تعقب جميل، ومما يؤيده أنه قد ورد النصّ على الأربعة، فيما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، ونصه:

١٧٤٠٣ - حدثنا محمد بن أبي عدي، عن داود، عن عبد اللَّه بن قيس، عن الحارث بن أُقَيش، قال: كنا عند أبي برزة ليلة، فحدث ليلتئذ، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، أنه قال: "ما من مسلمين، يموت لهما أربعة أفراط، إلا أدخلهما اللَّه الجنة، بفضل رحمته"، قالوا: يا رسول اللَّه وثلاثة؟ قال: "وثلاثة"، قالوا: واثنان؟ قال: "واثنان" قال" "وإنّ من أمتي لمن يدخل الجنة بشفاعته مثل مضر قال: "وإن من أمتي، لمن يَعظُمُ للنار حتى يكون أحدَ زواياها". انتهى.

ورجاله إسناده ثقات، غير عبد اللَّه بن قيس، وقد وثقه ابن حبان، وجهله ابن المدينيّ، و"داود" هو ابن أبي هند، والحارث بن أقيش صحابيّ مقلّ. واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَتِ الْمَرأَةُ: يَا لَيْتَنِي قُلْتُ وَاحِدًا) أي سألت حكم موت واحد من الولد.

وهذا الحديث نصّ في كونه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يسأل عن حكم الواحد، ومثله ما أخرجه أحمد من طريق محمود بن لبيد، عن جابر، - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "من مات له ثلاثة من الولد، فاحتسبهم دخل الجنة قلنا: يا رسول اللَّه، واثنان؟ قال: "واثنان قال محمود: قلت لجابر: أراكم لو قلتم: وواحد، لقال: وواحد؟ قال: وأنا واللَّه أظنّ ذلك".

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن عبد الرحمن بن الأصفهاني، قال: أتاني أبو صالح يُعَزّيني عن ابن لي، فأخذ يحدّثني عن أبي سعيد، وأبي هريرة أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "ما من امرأة تدفِنُ ثلاثة أفراط، إلا كانوا لها حجابا من النار"، فقالت امرأة: يا رسول اللَّه قدمت اثنين، قال: "واثنين"، ولم تسأله عن الواحد انتهى.


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٤٦٠.