منها: ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ثواب من احتسب ثلاثة من صلبه. ومنها: أن من احتسب اثنين، فهو كالثلاثة. ومنها: ما كان عليه الصحابيات من الحرص في معرفة أحكام الشرع، حيث إن هذه المرأة سألت عن الاثنين، ثم لما فاتها السؤال عن الواحد تأسفت على ذلك، فقالت: ياليتني قلت: واحدًا. ومنها: بيان فضل اللَّه تعالى على المسلمين، حيث جعل لهم الجنة عوضا عما يصيبهم من البلاء بموت أولادهم. ومنها: أن المصيبة بمن لم يبلغ الحلم أشدّ من غيره، فلذا كان الأجر عليه أعظم. ومنها: أن أولاد المسلمين في الجنّة، لأن من يكون سببا في حجب النار عن أبويه أولى بأن يُحجَبَ هو، لأنه أصل الرحمة، وسببها، بل جاء التصريح به في الحديث الأخير من الأحاديث الآتية في الباب التالى، ولفظه:"فيقال: ادخلوا الجنّة أنتم وآباؤكم". واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: كون أولاد المسلمين في الجنّة هو الذي عليه الجمهور، وتوقفت طائفة قليلة في ذلك:
قال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أجمع من يُعتدّ به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين، فهو من أهل الجنة، وتوقف فيه بعضهم، لما أخرجه مسلم عن عائشة - رضي اللَّه عنه -، قالت: أُتي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، بصبي من صبيان الأنصار، فصلى عليه، قالت عائشة: فقلت: طوبى لهذا، عصفور، من عصافير الجنة، لم يعمل سوءا، ولم يدركه، قال:"أو غير ذلك يا عائشة، خلق اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- الجنة، وخلق لها أهلا، وخلقهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار، وخلق لها أهلا، وخلقهم في أصلاب آبائهم".
قال: والجواب عنه أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل، أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".