للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- صلى اللَّه عليه وسلم -، إذ جاءته امرأته بابن لها، فقالت: يا رسول اللَّه ادع اللَّه لي فيه بالبركة، فإنه قد توفي لي ثلاثة، فقال لها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أمنذ أسلمت؟ " قالت: نعم، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "جُنّة حَصِينة"، فقال لي رجل: اسمعي يا رجاء ما يقول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -.

وفي "مسند أحمد" وغيره بإسناد لا بأس به، عن عمرو بن عَبَسَة، قال: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "من وُلِد له ثلاثة أولاد في الإسلام، فماتوا قبل يبلغوا الحنث، أدخله اللَّه الجنّة برحمته إياهم".

وفي "مسند أحمد"، و "معجم الطبراني الكبير" بإسناد فيه مجهول، عن أبي ثعلبة الأشجعي، قال: قلت: يا رسول اللَّه مات لي ولدان في الإسلام، فقال: "من مات له ولدان في الإسلام أدخله اللَّه الجنة".

قال الحافظ ولي الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ما حاصله: وفي حديث عمرو بن عَبَسَة زيادة على غيره، وهي أن تكون ولادتهم في الإسلام، ومقتضاه أنهم لو وُلدوا له قبل أن يسلم، وماتوا بعد إسلامه لم يكن له هذا الثواب انتهى (١).

(يُتَوَفَّى لَهُ) بالبناء للمفعول، ووقع في رواية ابن ماجه: "ما من مسلمين يَتَوَفَّى لهما … " (ثَلَاَثَةٌ مِنَ الْوَلَد، لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ) بكسر المهملة، وسكون النون، بعدها مثلّثة، وحكى ابن قرقول، عن الداوديّ أنه ضبطه "الْخَبَثَ" بفتح المعجمة، والموحّدة، وفسّره بأن المراد لم يبلغوا أن يعملوا المعاصي، قال: ولم يذكره كذلك غيره، والمحفوظ الأول، والمعنى لم يبلغوا الْحُلُمَ، فتكتبَ عليهم الآثام. قال الخليل: بلغ الغلام الحنث: إذا جرى عليه القلم، والحنث الذنب، قال اللَّه تعالى: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٤٦]. وقيل: المراد بلغ إلى زمانٍ يؤاخذ بيمينه إذا حنث. وقال الراغب: عبّر بالحنث عن البلوغ، لما كان الإنسان يؤاخذ بما يرتكبه فيه بخلاف ما قبله، وخصّ الإثم بالذكر لأنه الذي يحصل بالبلوغ، لأن الصبيّ قد يثاب، وخصّ الصغير بذلك لأن الشفقة عليه أعظم، والحبّ له أشدّ، والرحمة له أوفر، وعلى هذا فمن بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما ذكر من هذا الثواب، وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة، وبهذا صرّح كثير من العلماء، وفرقوا بين البالغ وغيره بأنه يتصوّر منه العقوق المقتضي لعدم الرحمة، بخلاف الصغير، فإنه لا يتصوّر منه ذلك، إذ ليس بمخاطب.

وقال الزين ابن المنيّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: بل يدخل الكبير في ذلك من طريق الفحوى، لأنه إذا


(١) - "طرح التثريب" ج ٣ ص ٢٤٩.