للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع: هذه الأقوال كلها يردها ظاهر الحديث، كما أشار إليه ابن الملقّن، فالصواب مشروعية استعمال الكافور فى المرة الأخيرة من الغسلات. واللَّه تعالى أعلم.

قيل: الحكمة في الكافور مع كونه يَطيّب رائحة الموضع لأجل من يحضر من الملائكة وغيرهم، أن فيه تجفيفًا، وتبريدًا، وقوّة نفوذ، وخاصيّةً في تصليب بدن الميت، وطرد الهوامّ عنه، وردع ما يتحلل من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إليه، وهو أقوى الأراييح الطيّبة في ذلك، وهذا هو السرّ في جعله في الأخيرة، إذ لو كان في الأولى مثلا لأذهبه الماء.

وهل يقوم المسك مثلاً مقام الكافور؟ إن نظر إلى مجرّد التطييب، فنعم، وإلا فلا، وقد يقال: إذا عُدم الكافور قام غيره مقامه، ولو بخاصيّة واحدة مثلا. قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحقّ أن غير الكافور لا يقوم مقامه، عند وجوده، بل يجب استعماله، لأمر النبى - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، حيث قال: "واجعلن فى الآخرة كافورًا". واللَّه تعالى أعلم.

(فَإِذَا فَرَغْتُنَّ) أي من غسلها على الكيفية المذكورة (فَآذِنَّنِي) أي أعلمنني، وهو بمد الهمزة، وتشديد النون الأولى من الإيذان، وهو الإعلام، قال السنديّ: ويحتمل أن يُجعل من التأذين، والمشهور الأول انتهى (فَلَمَّا فَرَغْنَا، آذَنَّاهُ) أي أعلمناه بفراغنا من الغسل المذكور (فَأعْطَانَا حَقْوَهُ) بفتح المهملة، -ويجوز كسرها، وهي لغةُ هُذيل- بعدها قاف ساكنة، والمراد به هنا الإزار، كما وقع مفسّرًا في آخر هذه الرواية عند البخاريّ، والحقو في الأصل مَعْقِد الإزار، وأطلق على الإزار مجازا.

وقال ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحقو بالكسر، وفتحها لغتان، والمعروف من كلام العرب الثاني، وقالته هذيل بالأول، كما أفاده القرطبيّ، وهو الإزار، والأصل فيه الخصر (٢) معقد الإزار، وسمي الإزار مجازًا، لملازمته إياه، وهو من باب تسمية الشىء بما يلازمه، كما قالوا للمَزَادة راوية، والراوية اسم للجمل الحامل لها. انتهى (٣).


(١) - ج٣ ص ٤٦٨ - ٤٦٩.
(٢) - الْخَصْرُ: بفتح، فسكون: من الإنسان وسطه، وهو المستدقّ فوق الوركين، والجمع خُصُور، كفلس وفلوس. اهـ "المصباح".
(٣) - "الإعلام" ج٤ ص ٤٣٥ - ٤٣٦.