للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العاص كُفّن في خمسة أثواب. (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد قدّمت أن الأرجح ما قاله ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى، وحاصله أن الأفضل ما اختار اللَّه تعالى لنبيه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو التكفين في ثلاثة أثواب، بيضٍ، هذا إذا تيسّر، وإلا فما وُجد فهو الكفن، كما يأتي في قصة مُصعب بن عُمير - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة السادسة: في اختلاف أهل العلم في عدد كفن المرأة:

قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختلفوا في عدد كفن المرأة، فقال كثيرون: تكفن المرأة في خمسة أثواب، كذلك قال النخعيّ، والشعبيّ، ومحمد بن سيرين، وبه قال الأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. قال: وكذلك نقول، يكون درع، وخمار، ولفافتان، وثوب لطيف، يشدّ على وسطها، يَجمع ثيابها.

وكان عطاء يقول: تكفّن في ثلاثة أثواب: درع، وثوب تحت الدرع تلف به، وثوب تلف فيه. وقال سليمان بن موسى: درع، وخمار، ولفافة تُدرَج فيها. انتهى (٢).

وقال الحافظ ولي الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والحنابلة، وغيرهم: يستحب تكفين المرأة في خمسة أثواب، ففرّقوا بينها وبين الرجال، لأنها تزيد في حياتها على الرجال في الستر، لزيادة عورتها، فكذلك بعد الموت. وفي "سنن أبي داود" ما يدلّ على ذلك في تكفين أم كلثوم بنت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (٣)، لكن قال الشافعيّة: ليست الخمسة في حقّ المرأة كالثلاثة في حقّ الرجل حتى نقول يخيّر الورثة، كما يخيّرون


(١) "طرح التثريب" ج ٣ ص ٢٧٢.
(٢) الأوسط، ج ٥ ص ٣٥٦ - ٣٥٧.
(٣) ونص أبي داود في "سننه":-٣١٥٧ حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحق، حدثني نوح بن حكيم الثقفي، وكان قارئا للقرآن، عن رجل من بني عروة ابن مسعود، يقال له: داود قد ولدته أم حبيبة، بنت أبي سفيان، زوج النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، أن ليلى بنت قانف الثقفية، قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم، بنت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، الحقاء، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر، قالت: ورسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - جالس، عند الباب، معه كفنها، يناولناها ثوبا ثوبا.
ورجاله ثقات، غير نوح بن حكيم، قال ابن القطان: مجهول، ووثقه ابن حبان. وفي "ت": مجهول من السادسة. وفيه داود، فإن كان داود بن عاصم بن عروة بن مسعود، فهو ثقة، وقد جزم بذلك ابن حبان، وإن كان غيره، فيُنظر فيه.
والحاصل أن الحديث لا يصح. واللَّه تعالى أعلم.