للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقعت إجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله، إلى أن كشف اللَّه الغطاء عن ذلك.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا من أحسن الأجوبة فيما يتعلّق بهذه القصة انتهى.

(إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) متعلق بـ "جاء" (فَقَالَ: أَعْطِني قَمِيصَكَ، حَتَّى أُكَفِّنَهُ) وفي نسخة: "حتى أكفّن" بدون ضمير النصب (فِيهِ) أي في ذلك القميص، رجاء بركة ما مسّ جسده - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ) أي اطلب من اللَّه تعالى أن يغفر له (فَأعْطَاهُ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (قَمِيصَهُ)

هذا يدلّ على أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أعطى قميصه لعبد اللَّه بن أُبي بسبب طلب ولده له، وسيأتي في حديث جابر - رضي اللَّه عنه - الآتي بعد حديث ما يدلّ على أنه إنما أعطاه مكافأة على إعطائه قميصه لعم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، عباس بن عبد المطلب، لكن لا تنافي بين السببين، إذ يمكن أن يعطيه لهما، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فإِذَا) وفي نسخة: "فإذا" بزيادة الفاء (فَرَغْتُمْ) أي من غسله، وتكفينه (فَآذِنُونِي) بمدّ الهمزة، من الإيذان، وهو الإعلام، أي أعلموني بفراغكم (أُصَلِّي عَلَيْهِ) بإثبات الياء، على الاستئناف، وليس جوابًا للأمر، وإلا لكان "أصل" بحذف الياء للجزم بالطلب، قال السنديّ: إلا أن يقال: الياء للإشباع، أو لمعاملة المعلّ معاملة الصحيح، وهو تكلف، بلا حاجة انتهى (١) (فَجَذَبَهُ عُمَرُ) وفي رواية للبخاري من هذا الوجه: "فقام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ليصلي عليه، فقام عمر، فأخذ بثوب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -". وفي رواية له،

وهي الرواية الآتية للمصنف برقم (١٩٦٦)، وهي في "الكبرى" في "كتاب التفسير"، من طريق ابن عباس، عن عمر - رضي اللَّه عنه -: "قال: لما مات عبد اللَّه بن أبيّ ابن سَلُولَ، دُعي له رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ليصلي عليه، فلما قام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وَثَبْتُ إليه، فقلتُ: يا رسول اللَّه أتصلي على ابن أبيّ، وقد قال يوم كذا كذا وكذا؟، قال: أُعدّد عليه قوله .... الحديث. يشير عمر - رضي اللَّه عنه - بذلك إلى مثل قوله: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [المنافقون: ٧]، وإلى مثل قوله: {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: ٨]. قاله في "الفتح".

(وَقَالَ: قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ، أَن تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِينَ) وفي رواية البخاريّ: "وقد نهاك ربك أن تصلي عليه". قال في "الفتح": كذا في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة، وقد استُشكل جدًّا، حتى أقدم بعضهم، فقال: هذا وَهَمٌ من بعض رواته، وعاكسه غيره، فزعم أن عمر اطلع على نهي خاصّ في ذلك. وقال القرطبيّ: لعلّ ذلك وقع في خاطر عمر، فيكون من قبيل الإلهام، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله تعالى: {مَا كَانَ


(١) - "شرح السندي" ج ٣ ص ٣٧.