للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والاستنشاق.

ورد بأن الأمر بغسل الوجه أمر بهما، وبأن وجوبهما ثبت بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأمر منه أمر من الله بدليل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: آية ٧] {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: آية ٣١].

قال الشوكاني: ويمكن مناقشة هذا بأنه إنما يتم لو أحاله فقط كما وقع لابن دقيق العيد، وغيره، وأما بالنظر إلى تمام الحديث وهو "فاغسل وجهك، ويديك، وامسح رأسك، واغسل رجليك" فيصير نصا على أن المراد كما أمرك الله في خصوص آية الوضوء، لا في عموم القرآن، فلا يكون أمره - صلى الله عليه وسلم - بالمضمضة داخلا تحت قوله للأعرابي "كما أمرك الله" فيقتصر في الجواب على أنه قد صح أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهما، والواجب الأخذ بما صح عنه، ولا يكون الاقتصار على البعض في مبادئ التعليم ونحوها موجبا لصرف ما ورد بعده وإخراجه عن الوجوب، وإلا لزم قصر واجبات الشريعة بأسرها على الخمس المذكورة في حديث ضمام بن ثعلبة مثلا، لاقتصاره على ذلك المقدار في تعليمه، وهذا خرق للإجماع، واطِّرَاح لأكثر الأحكام الشرعية، اهـ ما قاله الشوكاني.

واحتج من قال بوجوب الاستنشاق دون المضمضة بما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة مرفوعا "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر" وبما رواه الدارقطني عن ابن سيرين قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاستنشاق في الجنابة ثلاثا" وقالوا: إن المضمضة ثابتة بفعله - صلى الله عليه وسلم - لا بأمره، بخلاف الاستنشاق فإنه ثابت بهما، وفعله لا يفيد الوجوب، وفي قولهم هذا نظر، فقد روى الدارقطني عن عائشة، وسليمان بن موسى، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من توضأ فليتمضمض وليستنشق" فلا وجه للتفرقة، قاله في المنهل جـ ٢/ ص ٦.