(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه إسماعيل، فإنه من أفراده، وهو ثقة. (ومنها): أن فيه كتابة ح إشارة إلى تحويل الإسناد، وفيه رواية تابعي، عن تابعي، وعبيدُ اللَّه سرخسيّ، ثم نيسابوري، وإسماعيل، ويحى بصريان، والباقون كوفيون. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
عن خبّاب - رضي اللَّه عنه - أنه:(قال: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي بأمره وإذنه، أو المراد بالمعية الاشتراك في حكم الهجرة، إذ لم يكن معه حسّا إلا الصّدّيق، وعامرُ بن فُهَيرة - رضي اللَّه عنهما - (نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى) أي نطلب بهجرتنا مرضاة اللَّه تعالى، لا عَرَضًا من الدنيا. وقال في "الفتح": أي جهة ما عنده، من الثواب، لا جهة الدنيا انتهى (فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ) وفي رواية للبخاريّ من طريق ابن عيينة، عن الأعمش:"فوقع أجرنا على اللَّه"، والمراد بالوجوب على اللَّه إيجابه على نفسه بمقتضى وعده الصادق، حيث قال:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} الآية [التوبة: ٧٢]. وقال:{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}[الزمر: ٢٠](فَمِنَّا مَنْ مَاتَ، لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أجْرِهِ شَيئًا) أي من عرض الدنيا، وهو كناية عن الغنائم التي تناولها من أدرك زمن الفتوح، وكأن المراد بالأجر ثمرته، فليس مقصورًا على أجر الآخرة (١).
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا مشكل على ما تقدّم من تفسير ابتغاء وجه اللَّه، ويُجْمَع بأن إطلاق الأجر على المال في الدنيا بطريق المجاز بالنسبة لثواب الآخرة، وذلك أن القصد الأول هو ما تقدّم لكن منهم من مات قبل الفتوح، كمصعب بن عُمير، ومنهم من عاش إلى أن فُتح عليهم، ثمّ انقسموا، فمنهم من أعرض عنه، وواسى به المحاويج، أوّلًا، فأوّلًا، بحيث بقي على تلك الحالة الأولى، وهم قليل، منهم أبو ذرّ، وهؤلاء ملتحقون بالقسم الأول، ومنهم من تبسّط في بعض المباح فيما يتعلّق بكثرة النساء، والسراري، أو الخدم، والملابس، ونحو ذلك، ولم يستكثروا، وهم كثير، ومنهم ابن عمر، ومنهم من زاد، فاستكثر بالتجارة، وغيرها، مع القيام بالحقوق الواجبة والمندوبة، وهم كثير أيضًا، منهم عبد الرحمن بن عوف، وإلى هذين القسمين أشار