للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيفٍ، وَقَيسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ) - رضي اللَّه عنهما - (بِالْقَادِسِيَّةِ) موضع بقرب الكوفة، من جهة الغرب، على طرف البادية، نحو خمسة عشر فرسخًا، وهي آخر أرض العرب، وأول حَدّ سواد العراق، وكان هناك وقعة عظيمة في خلافة عمر - رضي اللَّه عنه -، ويقال: إن إبراهيم الخليل - عليه السلام - دعا لتلك الأرض بالقُدُس، فسميت بذلك. ذكره في "المصباح". وقال في "القاموس": "القادسيّة": قرية قرب الكوفة، مرّ بها إبراهيم - عليه السلام -، فوجد بها عجوزًا، فغسلت رأسه، فقال: قُدَّستِ من أرض، فسميت بالقادسيّة انتهى.

واختلف في وقعة القادسية فذكر ابن إسحاق أنها كانت سنة (١٥) وزعم الواقديّ أنها سنة (١٦) وذكر سيف بن عمر، وابن جرير، وجماعة أنه سنة (١٤) وكانت وقعة القادسية وقعة عظيمة، لم يكن بالعراق أعجب منها، وكان عدد المسلمين على ما قال ابن إسحاق ما بين سبعة آلاف، إلى ثمانية آلاف، وكان قائدهم سعد بن أبي وقاص - رضي اللَّه عنه -، وأن الفرس كانوا ستين ألفا، وقيل: كان عددهم أكثر من ذلك، وقائد الفرس رجل اسمه رستم، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين (١).

(فَمُرَّ) بالبناء للمفعول (عَلَيْهِمَا) أي على سهل بن حُنيف، وقيس بن سعد - رضي اللَّه عنهما - (بِجَنَازَةِ) متعقق بـ "مرّ"، وتقدّم ضبطها بالفتح والكسر (فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا) أي الجنازة، وفي نسخة "إنه"، أي الميت (مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ) أي من أهل الذمّة، وإنما سمي أهل الذمة بأهل الأرض، لأن المسلمين لما فتحوا البلاد أقرّوهم على عمل الأرض، وحمل الخراج إليهم (فَقَالَا: مُرَّ) بالبناء للمفعول أيضًا (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِجَنَازَةٍ، فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنهَّ يُّهودِيٌّ) أي منسوب إلى يهود، القبيلة المعروفة، قال الفيّومي -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: ويقال: هو يهُودُ، غير منصرف، للعلمية، ووزن الفعل، ويجوز دخول الألف واللام، فيقال: اليهود، وعلى هذا، فلا يمتنع التنوين، لأنه نُقل عن وزن الفعل إلى باب الأسماء، وقيل: اليهوديّ نسبة إلى يهودا بن يعقوب - عليه السلام -، هكذا أورده الصغانيّ "يَهُودا" في باب المهملة انتهى.

والياء فيه للفرف بين اسم الجنس، وبين واحده، كما يقال: عرب وعربيّ، وعجم وعجميّ، وروم ورميّ، وترك وتركيّ. واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَالَ: "أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟ ") يعني أن القيام شرع لكونها نفسًا، لا لكونها مؤمنة، ومعنى القيام لكونها نفسَا أنها حلّ بها الموت الذي هو أمر عظيم، وخَطَر جسيم على الإنسان، فينبغي له أن يقابله بالفزع والرهبة، والخضوع والاستكانة، لا بالغفلة، والذهول،


(١) - راجع قصة القادسية "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ٣٨ - ٥٠ وغير من كتب التواريخ.