للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: في هذا الكلام نظر؛ لأنه إذا لم يرد نصّ على أمر الذميّ بالتميّز، فمن أين أتى المنع من الإظهار؟، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٩٢٢ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, عَنْ هِشَامٍ ح وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ (١) , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: مَرَّتْ بِنَا جَنَازَةٌ, فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَقُمْنَا مَعَهُ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّمَا هِيَ جَنَازَةُ يَهُودِيَّةٍ, فَقَالَ: «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا, فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ, فَقُومُوا». اللَّفْظُ لِخَالِدٍ).

رجال هذا الإسناد: ثمانية، كلهم تقدّموا في الباب الماضي، سوى:

١ - (عبيد اللَّه بن مِقْسَم) القرشيّ، مولى ابن أبي نَمِر المدنيّ، ثقة مشهور [٤].

قال أبو داود، والنسائيّ: ثقة. وقال أبو حاتم: ثقة لا بأس به. ووثقه يعقوب بن سفيان. وذكره ابن حبّان في "الثقات". روى له الجماعة، إلا الترمذيّ، وله في هذا الكتاب حديثان فقط، هذا (١٩٢٢) و (٤٢٠٠).

٢ - (جابر بن عبد اللَّه) بن عمرو بن حَرَام الأنصاريّ - رضي اللَّه عنهما - ٣١/ ٣٥. و"إسماعيل" شيخ ابن حُجْر: هو ابن عُليّة. و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ. و"هشام": هو الدستوائيّ.

وقوله: "إن للموت فَزَعًا". قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: معناه: إن الموت يُفزَع إليه، إشارة إلى استعظامه، ومقصودُ الحديث أن لا يستمرّ الإنسان على الغفلة بعد رؤية الميت، لما يُشعر ذلك من التساهل بأمر الموت، فمن ثَمَّ استوى فيه الميت مسلمًا، أو غير مسلم. وقال غيره: جَعَل نفس الموت فَزَعًا، مبالغةً، كما يقال: رجل عدلٌ.

وقال البيضاويّ: هو مصدرٌ، جَرَى مَجْرَى الوصف، للمبالغه، أو فيه تقديرٌ، أي الموت ذو فزَع. ويؤيّد الثاني -كما قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- رواية المصنّف، وابن ماجه بلفظ: "إن للمَوت فَزَعًا"، وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يَقْلَق من أجلها، ويضطرب، ولا يَظهر منه عدم الاحتفال (٢) والمبالاة. قاله في "الفتح" (٣).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إن للموت فزعًا": أي فلا ينبغي الاستمرار على الغفلة على رؤية الميت، فالقيام لترك الغفلة، والتشمير للجدّ والاجتهاد في الخير. وفي بعض


(١) - وفي نسخة "عن هشام".
(٢) - الاحتفال: حسن القيام بالأمور، ويقال: ما احتفل به: أي ما بالى. أفاده في "ق". فيكون قوله: والمبالاة عطف تفسير.
(٣) - "فتح" ج ٣ ص ٥٣٤.