للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يموت، فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعدمون منه إلا خيرًا، إلا قال اللَّه تعالى: قد قبِلتُ قولكم، وغفرت له ما لا تعلمون". ولأحمد من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - نحوه، وقال: "ثلاثة" بدل "أربعة"، وفي إسناده من لم يُسمّ، وله شاهد من مراسيل بُشير بن كعب، أخرجه أبو مسلم الكجيّ.

وأما جانب الشرّ فظاهر الأحاديث أنه كذلك، لكن إنما يقع ذلك في حقّ من غلب شرّه على خيره. وقد وقع في رواية النضر المشار إليها أوّلًا في آخر حديث أنس: "إن للَّه ملائكة، تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشرّ". انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٥٠/ ١٩٣٠ وفي "الكبرى" ٥٠/ ٢٠٥٩٠ وأخرجه (خ) ١٣٦٨ و ٢٦٤٢ (م) ٢١٩٧ و ٢١٩٧٨. (ت) ١٠٥٨ (ق) ١٤٩١. (أحمد) ١٤٩١ و ١٢٤٢٦ و ١٢٥٢٢٦ و ١٢٦٢٧ و ١٢٧٩١. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

(منها): ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو مشروعيّة الثناء على الميت بما فيه من خير وشر، للحاجة، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرّمة (ومنها): فضيلة هذه الأمة، حيث كانت شهداء اللَّه تعالى في أرضه، كما قال اللَّه تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} الآية [البقرة: ١٤٣]. (ومنها): إعمال الحكم بالظاهر (ومنها): أنه أصل في قبول الشهادة بالاستفاضة، وأن أقلها اثنان، لقوله في حديث عمر - رضي اللَّه عنه - الآتي: "فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان". (ومنها): ما قاله ابن العربي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه جواز الشهادة قبل الاستشهاد، وقبولها قبل الاستفصال (ومنها): قيل: فيه استعمال الثناء في الشرّ للمؤاخاة والمشاكلة، وحقيقته إنما هو في الخير.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا قيل، لكن تقدّم أن الصواب استعمال الثناء في الخير والشرّ، ولم يثبت عمن يعتبر قوله من أهل اللغة عدم استعماله في الشرّ، فقوله: للمؤاخاة والمشاكلة الخ غير صحيح، كما تقدّم، فتبصّر بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّرْ


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٥٩٨.