للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدَّيْلى) التابعيّ الكبير المشهور، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لم أره من رواية عبد اللَّه بن بُرَيدة عنه إلا معنعنًا، وقد حكى الدارقطنيّ في "كتاب التتبّع" عن عليّ بن المديني أن ابن بُريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث: سمعت أبا الأسود.

قال الحافظ: وابن بريدة وُلد في عهد عمر، فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب، لكن البخاريّ لا يكتفي بالمعاصرة، فلعلّه أخرجه شاهدّا، واكتفى للأصل بحديث الذي قبله. واللَّه أعلم انتهى (١).

(قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ) وفي رواية البخاريّ، من روايته عن عفّان بن مسلم، عن داود بن أبي الفرات: "قَدِمتُ المدينة، وقد وقع بها مرض"، وزاد في "الشهادات" عن موسى بن إسماعيل، عن داود: "وهم يموتون موتا ذَرِيعًا". وهو بالذال المعجمة، أي سريعًا.

(فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) يحتمل أن تكون "إلى" هنا على بابها لانتهاء الغاية، والمعنى: انتهى جلوسي إلى عمر - رضي اللَّه عنه -، ويحتمل أن تكون بمعنى "عند"، أي جلست عنده، على حدّ قول الشاعر [من البسيط]:

أَمْ لَا سَبِيلَ إِلَى الشَّبَابِ وَذِكْرُهُ … أَشْهَى إِلَيَّ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

أي عندي (٢).

(فَمُرَّ بجَنَازَةِ) ببناء الفعل للمفعول (فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا) قال في "الفتح": كذا في جميع اَلأصول "خيرًا" بالنصب، وكذا "شرّا" وقد غَلِطَ من ضبط "أثنى" بفتح الهمزة، على البناء للفاعل، فإنه في جميع الأصول مبنيّ للمفعول. قال ابن التين: والصواب الرفع، وفي نصبه بُعْدٌ في اللسان. ووجّهه غيره بأن الجارّ والمجرور أُقيم مقام المفعول الأول، و"خيرا" مقام الثاني، وهو جائز، وإن كان المشهور عكسه، كما قال في "الخلاصة":

وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ … أَوْ حَرْفِ جَرٍّ بِنِيَابَةٍ حَرِي

وَلَا يَنُوبُ بَعْضُ هَذِي إِنْ وُجِدْ … فِي اللَّفْظِ مَفْعُولْ بِهِ وَقَدْ يَرِدْ

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: منصوب بنزع الخافض، أي أُثني عليه بخير. وقال ابن مالك


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٥٩٧.
(٢) - انظر "مغني اللبيب" ج ١ ص ٧٥. و"عمدة القاري" ج ٧ ص ١١٦.