للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَيَشْهَدُهُ إِذَا مَاتَ) إعرابه كسابقه، أي وحضور جنازة المسلم إذا مات، ليقوم بتجهيزه، والصلاة عليه، ودفنه.

(وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ) وإعرابه كسابقيه، أي وإجابة دعوته إذ دعاه. وظاهره عموم وجوب الإجابةَ لكل دعوة، عُرْسًا كانت، أوغيرها، وبه كان يقول ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، وهو الحقّ، وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسائل الآتية في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى.

(وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ) أي وسلامه عليه إذا لقيه، وهو واجب على الكفاية، أما وجوبه، فلوقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية [النساء: ٨٦]، وأما كونه على الكفاية، فلحديث عليّ - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "يجزىء عن الجماعة إذا مرّوا أن يسلّم أحدهم، وبجزىء عن الجُلُوس أن يردّ أحدهم". أخرجه أبو داود، والبزّار، وفي سنده ضعف، لكن له شاهد من حديث الحسن بن عليّ - رضي اللَّه عنهما - عند الطبرانيّ، وفي سنده مقال، وآخر مرسل في "الموطإ" عن زيد بن أسلم. قاله في "الفتح" (١).

(وُيشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ) التشميت بالسين المهملة، والشين المعجمة، لغتان مشهورتان، قال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: والتسميت ذكر اللَّه على الشيء، وقيل: التسميتُ ذكر اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- على كلّ حال، والتسميت الدعاء للعاطس، وهو قولك له: يرحمك اللَّه. وقيل: معناه هداك اللَّه إلى السمت، وذلك لما في العاطس من الانزعاج، والْقَلَق، هذا قول الفارسيّ.

وقد سمَّتَهُ: إذا عطس، فقال له يرحمك اللَّه، أُخِذَ من السمت إلى الطريق، والقصدِ، كأنه قصده بذلك الدعاء، أي جعلك اللَّه على سمت حسن. وقد يجعلون السين شينًا، كسمّر السفينةَ، وشمّرها: إذا أرساها. وقال النضر بن شُميل: التسميتُ الدعاء بالبركة، يقول: بارك اللَّه فيه. وقال أبو العباس: يقال: سَمَّتَ العاطسَ تسميتًا، وشمّته تشميتًا: إذا دعا له بالهديِ، وقصدِ السَّمْتِ المستقيمِ، والأصل فيه السين، فقُلبت شينًا. انتهى (٢).

وقال صاحب "المحكم": التسميت: الدعاء للعاطس، وقال الهرويّ في باب الشين المعجمة: قال أبو عبيد: يقال: سمّت العاطسَ، وشمّته بالسين، والشين: إذا دعا له بالخير، والسين أعلى اللغتين. وقال أبو بكر: يقال: سمَّتُّ فلانا، وسَمَّتُّ عليه: إذا دعوت له، وكلّ داع بالخير، فهو مسمّتٌ، ومشمّتٌ. وقال أحمد بن يحيى: الأصل


(١) - "فتح" ج ١٢ ص ٢٦٦ - ٢٦٧. "كتاب الاستئذان".
(٢) - "لسان العرب" في مادّة سمت.