للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيها السين، من السمت، وهو القصد، والهدي، قال ثعلب: ومعناه بالمعجمة: أبعد اللَّه عنك الشماتة انتهى (١).

وقال في "الفتح": ما نصّه: قال الخليل، وأبو عبيد، وغيرهما: يقال بالمعجمة، وبالمهملة، وقال ابن الأنباريّ: كلّ داع بالخير مشمّت بالمعجمة، وبالمهملة، والعرب تجعل الشين والسين في اللفظ الواحد بمعنى، انتهى.

وهذا ليس مطّرادًا، بل هو في مواضع معدودة، وقد جمعها شيخنا شمس الدين الشيرازيّ صاحب "القاموس" في جزء لطيف، قال أبو عبيد: التشميت بالمعجمة أعلى وأكثر، وقال عياض: هو كذلك للأكثر من أهل العربية، وفي الرواية. وقال ثعلب: الاختيار بالمهملة، لأنه مأخوذ من السمت، وهو القصد، والطريق القويم، وأشار ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" إلى ترجيحه. وقال القزّاز: التشميت التبريك، والعرب تقول: شَمَّتَهُ: إذا دعا له بالبركة، وشَمَّتَ عليه: إذا برّك عليه. وفي الحديث في قصّة تزويج علي بفاطمة - رضي اللَّه عنهما -: "شَمَّتَ عليهما": إذا دعا لهما بالبركة.

ونقل ابن التين عن أبي عبد الملك، قال: التسميت بالمهملة أفصح، وهو من سُمَّتِ الإبلُ في المرعى إذا جُمِعَت، فمعناه على هذا جمع اللَّه شملك، وتعقّبه بأن سمت الإبل إنما هو بالمعجمة، وكذا نقله غير واحد أنه بالمعجمة، فيكون معنى سَمَّتَه دعا له بأن يُجمَع شمله. وقيل: هو بالمعجمة من الشماتة، وهو فرح الشخص بما يسوء عدوّه، فكأنه دعا له أن يكون في حال من يُشْمَتُ به، أو أنه إذا حمد اللَّه أدخل على الشيطان ما يسوؤه، فشَمَّت هو بالشيطان. وقيل: هو من الشوامت، جمع شامتة، وهي القائمة، يقال: لا ترك اللَّه له شامتة، أي قائمة.

وقال ابن العربي في "شرح الترمذيّ": تكلّم أهل اللغة على اشتقاق اللفظين، ولم يُبَيّنوا المعنى فيه، وهو بديع، وذلك أن العاطس يَنْحَلّ كلّ عضو في رأسه، وما يتّصل به من العنق، ونحوه، فكأنه إذا قيل: رحمك اللَّه، كان معناه أعطاه اللَّه رحمة يرجع بها بذلك (٢) إلى حاله قبل العطاس، ويقيم على حاله من غير تغيير، فإن كان التسميت بالمهملة، فمعناه رجع كلّ عضو إلى سَمْته الذي كان عليه، وإن كان بالمعجمة، فمعناه صان اللَّه شوامته، أي قوائمه التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال، قال: وشوامت كلّ شيء قوامه، فقوام الدابّة بسلامة قوامها التي يُنتَفع بها إذا سلمت، وقوائم الآدميّ بسلامة قوائمه التي بها قوامه، وهي رأسه، وما


(١) - "تهذيب الأسماء واللغات" ج ٣ ص ١٥٤ - ١٥٥.
(٢) - هكذا نسخة "الفتح" "بذلك"، ولعلّ الصواب: "بدنه". واللَّه أعلم.