للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا تكفي الإشارة باليد ونحوه، وقد أخرج النسائيّ في "عمل اليوم والليلة" بسند جيّد، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "لا تسلّموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرؤوس والأكفّ" (١).

ويُستثنى من ذلك حالة الصلاة، فقد وردت أحاديث جيّدة أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - ردّ السلام، وهو يصلي إشارةً، منهاة حديث أبي سعيد - رضي اللَّه عنه -: "أن رجلاً سلّم على النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو يُصلي، فردّ عليه إشارةً". ومن حديث ابن مسعود نحوه.

وكذا من كان بعيدًا، بحيث لا يسمع التسليم يجوز السلام عليه إشارةً، ويتلفّظ مع ذلك بالسلام. وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء، قال: يكره السلام باليد، ولا يكره بالرأس.

ونقل النوويّ، عن المتولي أنه قال: يُكره إذا لقي جماعة أن يخصّ بعضهم بالسلام، لأن القصد بمشروعيّة السلام تحصيل الألفة، وفي التخصيص إيحاشٌ لغير من خصّ بالسلام انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى: ويدلّ لما قاله المتودي ما أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" بسند صحيح عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - أنه مرّ رجل، فقال: السلام عليك يا أبا عبدالرحمن، فردّ عليه، ثم قال: "إنه سيأتي على الناس زمان يكون السلام فيه للمعرفة"، وأخرجه الطحاويّ، والطبرانيّ، والبيهقيّ في "الشعب" من وجه آخر عن ابن مسعود مرفوعًا، ولفظه: "إن من أشراط الساعة أن يمرّ الرجل بالمسجد، لا يُصلي فيه، وأن لا يُسلّم إلا على من يعرفه"، ولفظ الطحاويّ: "إن من أشراط الساعة السلام للمعرفة". (٢) وسيأتي تمام البحث عنه في المسائل، إن شاء اللَّه تعالى.

(وَإِجَابَةِ الدَّاعِي) تقدّم شرحه فى الباب الماضي، ويأتي تمام البحث عنه في المسائل، إن شاء اللَّه تعالى (وَاتَّبَاعِ الْجَنَائِزِ) هذا محلّ الترجمة، حيث إن فيه الأمر باتباع الجنائز.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "اتباع الجنائز" يحتمل أن يراد به اتباعها للصلاة، فإن عبّر به عن الصلاة، فذلك فرض من فروض الكفاية عند الجمهور، ويكون التعبير بالاتباع عن الصلاة من باب مجاز الملازمة في الغالب، لأنه ليس من الغالب أن يصلى على الميت، ويدفن في محلّ موته. ويحتمل أن يراد بالاتباع الرواح إلى محلّ الدفن


(١) - "عمل اليوم والليلة" رقم ٣٤٠.
(٢) - المصدر السابق ج ١٢ ص ٢٨٠ "كتاب الاستئذان" رقم الحديث ٦٢٣٥. وص ٢٨٤ رقم ٦٢٣٦ - ٦٢٣٧.