للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متلازمان، وإفشاء السلام ابتداءً يستلزم إفشاءَهُ جوابًا. أفاده في "الفتح" (١).

والمراد من إفشاء السلام نشره بين الناس ليُحْيُوا سنته، وقد جاء إفشاء السلام من حديث البراء - رضي اللَّه عنه - بلفظ آخر، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وصححه ابن حبّان، من طريق عبد الرحمن بن عَوْسَجة، عنه رفعه: "أفشوا السلام تسلموا"، وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "ألا أدلّكم على ما تحَابّون به؟ أفشوا السلام بينكم".

وعن عبد اللَّه بن سَلَام - رضي اللَّه عنه - رفعه: "أطعموا العام، وأفشوا السلام … " الحديث، وفيه: "تدخلوا الجنّة بسلام". أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد"، وصححه الترمذيّ، والحاكم، وللأودين، وصححه ابن حبّان، من حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "اعبدوا الرحمن، وأفشوا السلام … " الحديث، وفيه: "تدخلوا الجنّة".

ومن الأحاديث في إفشاء السلام ما أخرجه النسائيّ في "عمل اليوم والليلة" (٢)، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "إذا جاء أحدكم إلى القوم، فليُسلّم، وإذا قام فليسلّم، فليست الأولى بأحقّ من الآخرة". وأخرج ابن أبي شيبة، من طريق مجاهد، عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، قال: "إن كنت لأخرج إلى السوق، وما لي حاجة إلا أن أسلّم، ويُسلَّم عليّ".

والأحاديث في إفشاء السلام كثيرة، منها عند البزّار، من حديث ابن الزبير، وعند أحمد من حديث عبد اللَّه بن الزبير، وعند الطبرانيّ من حديث ابن مسعود، وأبي موسى، وغيرهم.

وأخرج البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الأدب المفرد" بسند صحيح، عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -: "إذا سلمتَ، فأسمع، فإنها تحيّة من عند اللَّه".

واستدلّ بالأمر بإفشاء السلام أنه لا يكفي السلام سرّا، بل يُشترط الجهر، وأقلّه أن يُسمَع في الابتداء، وفي الجواب.

قال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأقلّه أن يرفع صوته بحيث يُسمِع المسلَّمَ عليه، فإن لم يُسمعه لم يكن آتيًا بالسنة، ويستحبّ أن يرفع صوته بقدر ما يتحقّق أنه سمعه، فإن شكّ استظهر، ويُستثنى من رفع الصوت بالسلام ما إذا دخل على مكان، فيه أيقاظ، ونيام، فالستة فيه ما ثبت في "صحيح مسلم" عن المقداد - رضي اللَّه عنه -، قال: "كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يجيء من الليل، فيسلّم تسليمًا، لا يُوقظ نائمًا، وُيسمِع اليقظان".


(١) - ج ١٢ ص ٢٨١. "كتاب الاستئذان".
(٢) - "عمل اليوم والليلة" رقم ٣٤٢.