للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعظيما له، وهو أحد -بضمتين- ويحتمل أن ذلك العمل يتجسّم على قدر جِرْم الجبل المذكور، تثقيلًا للميزان انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الثاني يردّه قوله: "من الأجر"، فإنه صريح في أن الذي يكون مثل أحد هو الأجر نفسه، فالأولى أن الأجر يُجسّد، فيوضع في الميزان، كما أفاده الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في كلامه المذكور آنفًا. واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: في هذا الحديث قصة جرت بين أبي هريرة الراوي للحديث، وبين ابن عمر - رضي اللَّه عنهم -، وذلك فيما رواه الشيخان، من طريق جرير بن حازم، قال: سمعت نافعًا، يقول: حُدّث ابنُ عمر أن أبا هريرة - رضي اللَّه عنه - يقول: "من تبع جنازة، فله قيراط"، فقال: أكثر أبو هريرة علينا، فصدّقت -يعني عائشة- أبا هريرة، وقالت: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقوله، فقال ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -: لقد فرّطنا في قراريط". وفي رواية لمسلم من طريق داود بن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، أنه كان قاعدًا عند عبد اللَّه بن عمر، إذ طلع خَبَّاب صاحب المقصورة، فقال: يا عبد اللَّه بن عمر، ألا تسمع ما يقوله أبو هريرة؟ إنه سمع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "من خرج مع جنازةٍ من بيتها، ثم تبعها، حتى تدفن، كان له قيراطان من أجر، كلّ قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع، كان له من الأجر مثل أحد"، فأرسل ابن عمر خبابا، إلى عائشة يسألها، عن قول أبي هريرة، ثم يرجع إليه، فيخبره ما قالت، وأخذ ابن عمر قَبْضَة من حصباء المسجد، يقلبها في يده، حتى رجع إليه الرسول، فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة، فضرب ابن عمر بالحصى، الذي كان في يده الأرض، ثم قال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. انتهى (٢).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث البراء بن عازب - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيح، انفر به المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، أخرجه هنا -٥٤/ ١٩٤٠ - وفي "الكبرى" ٥٤/ ٢٠٦٧ - وأخرجه (أحمد) ١٨١٣٣.

المسألة الثانية: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو بيان فضل من تبع جنازةً. ومنها: الترغيب في شهود الميت، والقيام بأمره، والحضّ على الاجتماع له. ومنها: التنبيه


(١) - "شرح السندي" ج ٣ ص ٥٦.
(٢) - راجع "صحيح مسلم" بشرح النووي ج ٧ ص ١٩ رقم الحديث ٢١٩٢.