للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أثبتت هذه الرواية أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن، وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد، وهذا هو المعتمد، خلافًا لمن تمسّك بظاهر بعض الروايات، فزعم أنه يحصل بالمجموع ثلاثة قراريط انتهى (١).

وقال في موضع آخر: قوله: "حتى تُدفن": ظاهره أن حصول القيراط متوقف على فراغ الدفن، وهو أصحّ الأوجه عند الشافعية وغيرهم، وقيل: يحصل بمجرد الوضع في اللحد. وقيل: عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب. وقد وردت الأخبار بكلّ ذلك، ويترجّح الأول للزيادة، ففي هذه الرواية: "حتى يُفرغ منها"، وفي رواية عند مسلم: "حتى توضع في اللحد"، وفي رواية له: "حتى توضع في القبر"، وفي رواية لأحمد: "حتى يُقضى قضاؤها"، وللترمذي: "حتى يُقضى دفنها"، ولأبي عوانة: "حتى يُسوّى عليها" أي التراب، وهي أصرح الروايات في ذلك. ويحتمل حصول القيراط بكلّ من ذلك، لكن يتفات القيراط، كما تقدّم. انتهى ما قاله في "الفتح" بتصرّف (٢).

(كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ قِيرَاطَانِ، وَالْقِيرَاطُ مِثلُ أُحُدِ") بضمتين: جبل الجبل المعروف بقرب مدينة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، من جهة الشام، وكانت به الوقعة المشهورة، في أوائل شوّال، سنة ثلاث من الهجرة، وهو مذكّر، فينصرف، وقيل: يجوز تأنيثه على توهّم البقعة، فيُمنع من الصرف، وليس بالقويّ. أفاده في "المصباح".

وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين، والمصنف (٣): قيل: وما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين". وفي رواية لمسلم: قيل: وما القيراطان"؟ قال: "أصغرهما مثل أحد"، وللنسائيّ (٤): "فله قيراطان من الأجر، كل واحد منهما أعظم من أحد"، ولابن ماجه من حديث أبيّ بن كعب: "القيراط أعظم من أحد هذا"، ولابن عديّ من حديث واثلة: "كتب له قيراطان من أجر، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد". فأفادت هذه الروايات بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المرتّب على ذلك العمل، أفاده الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (٥).

وقال السنديّ في "شرحه": عند قوله: كان له من الأجر قيراط": وهو عبارة عن ثواب معلوم عند اللَّه تعالى، عُبّر عنه ببعض أسماء المقادير، وفُسّر بجبل عظيم،


(١) - "فتح" ج ١ ص١٥٠ "كتاب الإيمان" رقم ٤٧.
(٢) - "فتح" ج ٣ ص ٥٥٦.
(٣) - يأتي برقم (٧٩/ ١٩٩٤).
(٤) - يأتي برقم (٧٩/ ١٩٩٧).
(٥) - "فتح" ج ٣ ص ٥٥٧.